للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يعلم أنه كذب، لكن فيما علم أن الله رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غير هذا الحديث المجهول حاله.

وهذا كالإسرائيليات، يجوز أن يروى منها ما لم يعلم أنه كذب للترغيب والترهيب فيما علم أن الله تعالى أمر في شرعنا ونهى عنه في شرعنا فأما أن يثبت شرعاً لنا بمجرد الإسرائيليات التي لم تثبت فهذا لا يقوله عالم، ولا كان أحمد بن حنبل ولا أمثاله من الأئمة يعتمدون على مثل هذه الأحاديث في الشريعة"١.

قال ابن رجب: "وظاهر ما ذكره مسلم في مقدمة كتابه يقتضي أن لا يروى أحاديث الترغيب والترهيب إلا عمن تروى عنه الأحكام"٢.

ومعنى قول أحمد وابن مهدى وابن المبارك "أنه إذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد" يعني أننا روينا الحديث بإسناده حتى يتبين ما فيه للناظر فيما بعد رجاء أن يحصل له شاهد أو متابع ثم أنه قال: تساهلنا ولم يقل روينا الحديث الضعيف البينّ ضعفه بمعنى أنهم يميزون بين أسانيد الأحكام التي فيها الحلال والحرام والنكاح والطلاق فلا يأخذونها إلا عن الثقات وأما ما كان في فضائل الأعمال فيأخذونها عمن دونهم ما لم يصل إلى حد الضعيف المتفق عليه ولا شيء أدل على ذلك من قول سفيان الثوري المتقدم في رواية الحديث الضعيف. وقول الإمام أحمد لابنه: "لو أردتُ أن أقصر على ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث لست أخالف ما ضعف إلا إذا لم يكن في الباب ما يدفعه"٣.

وقال الشيخ أحمد شاكر: "والذي أراه أن بيان الضعيف في الحديث الضعيف واجب في كل حال لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح خصوصاً إذا كان الناقل له من علماء الحديث الذين يرجع إلى قولهم في ذلك، وأنه لا فرق بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث صحيح أو حسن"٤.

وقال ابن حزم في صفات وجهه النقل عند المسلمين: "والرابع شيء نقله أهل المشرق


١ الفتاوى ١/ ٢٥١.
٢ شرح علل الترمذي ١٠٢
٣ الخصائص ١٥ وراجع فتح المغيث ١/ ٨٠.
٤ الباعث الحثيث ٩٢

<<  <   >  >>