للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني:

خصائص التدرب على أساليب الكلام

يتسم الإنسان بسمة النطق والبيان، فهو يعبر بلسانه عما يستجيش في صدره ونفسه، ويحيل المشاعر والأحاسيس المتدفقة في قلبه إلى ألفاظ مفهومة وجمل مسموعة لها دلالاتها اللغوية ومعانيها التعبيرية المتنوعة، فالنطق والبيان من منن الرحمن على بني الإنسان، قال جل وعزّ: {الرَّحْمَانُ * عَلمَ القُرْآنَ * خَلقَ الإِنسَانَ * عَلمَهُ البَيَانَ} (١)

أولى خصائص التدرب على أساليب البيان: أنه واجب شرعي يجب على من تقوم فيه وبه الكفاية كالدعاة والمعلمين والوعّاظ والخطباء ونحوهم ممن يتصدون للدعوة ويتصدرونها. وعليه فالتدريب البياني ليس من فضول العلوم، ولقد نوّه الإسلام - وهو دين رسالة ودعوة عالمية - بقيمة العلوم اللسانية على اختلاف أنواعها وتعدد أنماطها من خطابة وجدل وحوار وبيان ووعظ وتذكير ونصح وإقراء وإعلام.. ووجّه إلى توظيف هذه العلوم للخير والرشد والبناء بإخلاص النية فيها لله تعالى، والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم إمام الدعاة وقدوة المربين والمرشدين، وسيد البلغاء والفصحاء.

وعلى هذا فإن نشأة العلوم التعبيرية إنما تنبع من صميم الدعوة الإسلامية، إذ بالتعبير والبيان يتحقق التبليغ وتقوم الحجة وتتضح المحجة.

ولا صحة لما يذهب إليه بعض الباحثين أن العلوم الكلامية التعبيرية وليدة


(١) سورة الرحمن: ١-٤

<<  <   >  >>