للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القرية الذي يسمى ألفا ليلقنه بعض سور القرآن الكريم ويعلمه بعض الأحكام المبسطة من الكتب الفقهية المتداولة, وظهرت عليه ملامح النجابة، ولم يمض كبير وقت حتى اختاره حكام البلاد المستعمرون للتعليم في مدارسهم التي افتتحوها في تلك البلاد، وأخذ قهراً عن والديه ضمن عدد من أبناء الأعيان، فازداد البلاء , وتفاقم الخطب على والديه وآله لاعتقادهم أنه لا يرجى الخير من شخص تربى على أيدي أعداء الله, وتثقف بثقافتهم ولكن الله غالب على أمره {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} وشاء الله أن يشتغل الفتى بدروسه، ويهضم معلوماته، ويكون النجم اللامع بين أقرنه، وينال الشهادات الدراسية التي تدل على تفوقه وجدارته مما جعله يختار للعمل مدرساً ثم موظفاً مسؤولاً في الأنواء الجوية. ولما دنت ساعة الظفر، وحانت ساعة السعادة والكرامة جرى بينه وبين مدير إدارته حديث في شأن الإسلام وواقع المسلمين، ونثر الخصم ما في جعبته من السموم، ورمى الإسلام الجمود والتخلف, وذكر له أن الإسلام دين لا يصلح للعالم, وتعاليمه لا تهذب النفوس وإنما هو منهج يكتبل الحريات، ويدعو إلى الوهم والخيالات، واستدل بواقع المسلمين وما هم عليه من التخلف والذل، وركونهم إلى الطلاسم والسحر والحجب واعتمادهم على الجن والكهان, والكواكب والحروز والأصنام، مما أدى الأوربيين إلى احتلال البلاد لإسعادهم، وانتشالهم من وهدة التخلف التي هم عليها، وقام يدلل على ذلك بالكثير والكثير من الأدلة التي نمقها المبشرون، وكادوا بها الإسلام والمسلمين، فلم يستطع الفتى حينها من أن يقنع الخصم، ولا أن يدافع عن دينه وعقيدته، لا سيما وأنه خال الوفاض بعيد عن العلم والعلماء والفقه والفقهاء, ولو كان مع أهل العلم والفقهاء فإن العلم في تلك البلاد وما شابهها لا يعدو حفظ القرآن. والمرور على بعض الرسائل في فقه الإمام مالك رحمه الله, ومنظومات شعرية في المديح النبوي باللغة المحلية والعربية, وعزم على أن يتصل بعلماء قريته ليقف على الحجج التي يرد بها على المجادل الخانق المعلم فلم ينل بغيته، ولم يحصل على طلبته، فامتلأت نفسه حسرة وندامة, وقرر السفر إلى الحرمين الشريفين, وهو يرى في كل عام المسافرين والآتين من مكة بدعوى أداء الحج، وقرر البقاء فيهما برهة من الزمن ليتفقه في دينه، ويتسلح بسلاح يقارع به الخصم، وينازل به العدو الذي طعن في عقيدة الإسلام وفي صدق رسالة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.

وأرى أن أقف ههنا وقفة قصيرة لأذكر السامع الكريم بأن أعداء الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم منذ مئات السنين فكروا وقدروا، ودبروا الكثير من المؤامرات ضد الإسلام والمسلمين، ولمكافحة دعوته، وكسر شوكته؛ لأنهم علموا أنه لم تنكس له راية، ولم ينهزم في معركة - لما كان المسلمون على بصيرة من دينهم وعلى صلة بربهم - فأجمعوا كيدهم، وانطلقوا يضعون المخططات لمحاربة الإسلام، وإبعاد المسلمين عن حقيقة ما جاء به.

ومن تلك الخطط:

١- فتح المدارس الاستشراقية في بلاد المسلمين.

٢- إرسال القسيس والرهبان ليشرفوا

<<  <   >  >>