ليشرف على أعمال دار الحديث، ويواصل تدريسه بالمسجد النبوي الذي كان يتمنى أن يكون بجوار معظم سواريه طلاب يعقلون عن الله، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقومون بتبليغ رسالة الله.
هذه صورة مبسطة من حياة رجل عالم جليل أدى ما عليه. وهكذا تصنع الرجال الأمجاد وكأنما يريدون أن يعالجوا الزمن بنفوسها الكبيرة، وهممها العالية والله من وراء القصد.
[مؤلفاته:]
هذا ولما كان التأليف صنوا للتدريس والتبليغ في مجالات الإصلاح فقد قام الشيخ رحمه الله بتأليف بعض من الكتب النافعة, أرى أن أوجز ما تضمنته فيما يلي:
١ - من اتصاله بالكثير من الحجاج الأفارقة تأكد أن الطريقة التيجانية المنسوبة إلى الشيخ أحمد التيجاني قد انتشرت في تلك البلاد، وتضاربت أقوال الناس فيها، وعمت بلاد أفريقيا موجة من الاختلاف في شأن هذه الطريقة، وفشا بين العامة منهم أن من لم يعتنق الطريقة التيجانية فليس من الإسلام في شيء.
وكان منزل الشيح رحمه الله منتدى يجتمع فيه الحجاج من غالب البلاد التي يحتلها الفرنسيون قبل أن يقسم إلى جمهوريات متعددة، ويقصده المثقفون منهم بالذات، لأنه يجيد اللغة الفرنسية، ويشرح لهم بواسطتها ما يحتاجون إليه من أمور دينهم. وكثيراً ما كان يدور النقاش والاستفسار عنها. فعكف رحمه الله على دراسة كتبها، والوقوف على حقيقة ما فيها من مراجعها وأصولها. وخلص من ذلك إلى تأليف رسالته التي بارك الله فيها - كانت سبباً لوعي الكثير من الناس لسهولة أسلوبها وخلوص نية صاحبها، والتركيز على نقاط حساسة هامة جعلت العامة تقف على بعض المعتقدات التي لا يعرفها إلا الخاصة من أهل الطريقة - أسماها (الأنوار الرحمانية لهداية الفرقة النجاتية) .
وقبل أن أوجز الكلام عن فصول الرسالة يناسب التعريف بالشيخ أحمد التيجاني الذي نسبت إليه هذه الطريقة، وببعض مصادرها. فهو أحمد بن محمد بن المختار بن أحمد بن سالم الشريف التيجاني, ولد عام خمسين ومائة ألف من الهجرة. بعين ماضي, ونشأ بها، وارتحل لفاس علم إحدى وسبعين ومائة وألف وتوفي بها عام ١٢٣٠هـ.
قال الشيخ محمد الحافظ التجاني المصري المعاصر في ترجمة له للشيخ:
"وما زال رضي الله عنه منذ تولى رسول الله تربيته بالروح يسمو ويرقى حتى بلغ مقام القطبانية العظمى، ثم وصل إلى مقام الولاية المعروف عند الأولياء بالخيمة عام أربعة عشر في القرن الثالث عشر"اهـ.
ومن أشهر ما ألف من الكتب في هذه الطرقة هو كتاب جواهر المعاني للشيخ علي حرازم، وكتاب