والأصل الثاني: أن يعبد الله بما شرعه على لسان رسوله وخليله محمد عليه الصلاة والسلام وهو معنى قولنا: أشهد أن محمداً رسول الله.
وصحة الأصل الأول تتوقف على تحقيق الأصل الثاني. ويمكن أن نوجز معنى تحقيقه في صدق متابعة رسول الله عليه الصلاة السلام لأن اتبعاه دليل محبة الله عز وجل الذي محبته والأنس به ومراقبته غاية سعي العبد وكده وهي أيضاً جالبة لمحبة الرب عبده ومغفرته له إذ يقول الرب تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ذلك لأنه رسوله المختار ليبلغ عنه دينه الذي شرعه لعباده، وهو المبلغ عنه أمره ونهيه وتحليله وتحريمه، فالحلال ما حلله، والحرام ما حرمه والدين ما شرعه. والرسول واسطة بين الله وبين عباده في بيان التشريع وما يترتب عليه من وعده ووعيده. وتبليغ وحيه الذي اشتمل على ذلك كله. قرآناً وسنة. وقد كلف بذلك بقوله تعالى {بَلِّغْ} وبقوله {لِتُبَيِّنَ} وبقوله {ادْعُ} إذ يقول الرب عز وجل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} .. {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ} .. {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} .. {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} الآية.
إن هذه الآي من الذكر الحكيم تعلن بوضوح وظيفة الرسول عليه الصلاة والسلام وهي التبليغ والبيان والدعوة إلى الله إلى دينه وشريعته، وهذه الأوامر الربانية الثلاثة تحقق غرضاً واحداً وهو دلالة الخلق على الطريق الموصل إلى الخالق وهو راض عنهم حتى يكرمهم في دار كرامته لقاء ما قاموا به من أداء التكاليف في هذه الدار حتى يصدق في حقه عليه الصلاة والسلام {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} .
إنه والله رحمة مهداة ونعمة مسداة ولكن الشأن كل الشأن هل رفع أتباعه رؤوسهم لدراسة سنته كما يجب - مكتفين بها ومتجردين لها- تلك السنة التي هي ذلكم البيان وذلك البلاغ وتلكم الدعوة؟.
هذا هو موضع بحثنا من هذه النقطة؟ ! ولا يشك مسلم ما مهما انحطت منزلته العلمية وضعفت ثقافته وضحلت معرفته أن الرسول الكريم بلغ ما نزل إليه وهو القرآن وذلك لأن الإيمان بأن الله نزل القرآن على محمد عليه الصلاة والسلام. وأنه بلغه كما