للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والغرض هنا بيان الاشتقاق، فقد قالت ابن أبي الربيع في أصل كلمة الناس واشتقاقها: (وناس أَصْلُهُ أناس، وهو مشتقٌّ من الإنس، ويقال: أنس وآنس، وتحذف الهمزة كثيراً مع الألف واللام، وقد جاءت غير محذوفة قال:

إنّ المنَايَا يطَّلِعـ ... ـن على الأنُاسِ الآمنينا

تداخل الاشتقاق مع القلب والإعلال.

وقد تَتَوارد المسائل التصريفية في كلمة واحدة، فيأتي الاشتقاق مع القلب والإعلال، وذلك لِقُوّة الارتباط والتلازم بَيْنها، وهذا ما نراه في تصريف كلمة النّار الواردة في الآية الكريمة: (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فاتقوا النَّارَ..) فقد تناول ابن الربيع مسائل التصريف الواردة فيها بشيء من الإيجاز فقال: (.. والنّار عينها واو، والأصلُ نور، فانقلبت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، يدلك على ذلك في الجمع أنوار إلى أن يقول: واشتقاق النّار من نارت تنور نور ونياراً، والأصل في نيار نوار لكنها اعتلت لاعتلالها في الماضي، ولو لم تعتل في الماضي لم تعتل في المصدر، قالوا: لاوذ لواذاً فلم تعتل في (لواذاً) لِصحتها في الماضي، وقالوا قام قياما اعتلت في فعال لاعتلالها في الماضي.

الاشتقاق في كلمة شيطان الواردة في الآية الكريمة: (وَإِذَا خَلَوْا إلى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مستهزئون) :

أورد ابن أبي الربيع اشتقاقين مختلفين في كلمة شيطان وبين ما يرد على كلّ منهما وما يقوى به كل منهما ومادة كلّ في الاشتقاق، ثم ختم الحديث بذكر المصدر لهذين الاشتقاقين، قال في تفصيل ما أجمل هنا:

(.. اختلف النحويَّون في الشيطان، فمنهم مَنْ جعله مشتقاً مِنْ شَطَن إذا أبعدَ، فيكون وزنه فيعالاً بمنزلة بيطار، وهذا القولُ يَقْوى بقولهم: شيطن الرّجل إذا تمرد؛لأنَّ تَفْعِيل مِن كلام العرب وتَفَعْلَنَ ليْسَ مِن كَلامهِم، وجعلهما من مادةٍ واحدةٍ هُوَ البين،

<<  <   >  >>