للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: حذف حرف الجرو بقاء عمله:

اختلف النحويون في موضع أنّ المشدة وما دخلت عليه في قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ..) (١) ١بعد سقوط حرف الجر، فمنهم ذهب إلى أن موضع أنّ وما دخلت عليه النصب، ومنهم ذهب إلى أن الموضع جر، وهو سيبويه، وقد رجح ابن أبي الربيع ما ذهب إليه سيبويه ولم يذكر أصحاب القول المعارض لقول سيبويه، وقد ذكر سيبويه أنّه قول الخليل، ومما قاله ابن أبي الربيع في المسألة: (.. اختلف النحويّون في أنَّ إذا سَقَطَ حرف الجر أتكون في موضع نصب؟ أو تكون في موضع جر؟.

فذهب سيبويه إلى أنَّها في موضع جر، وأن حرف الجر وإنْ حُذِف بقى عمله، كما بقي عمل "رُبَّ " بعد حذفها، وحمله على هذا الحكم تقولُ العربُ لأنكَ فاضلٌ أتيتُ، ولا تقول: لأنك فاضلٌ عَرَفْتُ، لأنَّ المفتوحة لابدَّ أنْ تعتمد على ما قبلها فاعتمادها على (أنَّ) هنا على حَرْفِ الجر وإنْ حُذفَ دليلٌ على أنّه في حكم الموجود، وإذا كان كذلك فعمله باقٍ٢.

ومنهم من ذهب إلى أنَّ حرف الجر إذا حذف صار الموضعُ موضع نصب (٣) ٣وبكون بِمَنْزلة: أمرتك الخير.

وكلاهما له وجه، وما ذكر سيبويه عندي أَقْوى- والله أعلم-.


١سورة البقرة آية: ٢٥
٢ينظر الكتاب ٢٨/٣ ١، والبسيط لابن أبى الربيع ٢/١٠٤٨، والكافي ١ق ٣١٣-٤ ٣١.
٣هذأ القول للخليل بن أحمد كما في الكتاب ١٢٧/٣، وقد اضطرب نقل العلماء لهذه المسألة، حتى قال في ذلك بن هشام في المغنى ٢٨٢: وأمّا نقل جماعة منهم ابن مالك أن الخليل يرى أن الموضع جر، وأنَ سيبويه يرى أنّه نصب فهو سهو.. ومما وقع فيه الإِضطراب نقلُ أبو حيان في البحر ١/ ١٨١ فعزا إلى الخليل والكسائي أن موضع "أنَّ لهم جنات "جر، وعزا إلى سيبويه والفراء أنّ موضعه نصب، لكنه في النهر ١١٢/١ عزا النصب إلى الخليل فقال: قوله: "أن لهم جنات " وحذف منه الحرف، وهوفي موضع نصب على مذهب الخليل خلافاً لمن قال: مذهب الخليل أنه في موضع جر، وهو أبن مالك، قاله في التسهيل: وهو كان قليل إلمام بكتاب سيبويه ...

<<  <   >  >>