للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

متعددة وقفنا عند أهمها في سياق هذا البحث. كما تحدثوا عن البديهة والروية في طيرقة نظم الشعر؛ وعن بواعث الشعر ومهيئاته، ويبدو أن المشكلة الأخيرة لم تتطور أبداً تطوراً كبيراً عما قاله فيها ابن قتيبة، ومن قبله أبو تمام في وصيته للبحتري، حتى إننا لنجد حازماً على ما لديه من ميل للتجديد والتفرد في التفسير، يعيد ما قاله فيها قدامى النقاد؛ وكذلك تناولوا الكلام عن أغراض الشعر وعن مظهري الغرابة والغموض فيه - وجاءوا في حديثهم عن الغموض بأسباب شكلية خالصة مستمدة من طبيعة العلاقات المعنوية واللفظية لا من طبيعة النفسية العامة أو نوع الموضوع؛ وفي سياق الاعتماد على كتاب الشعر لارسططاليس أشار دارسو الكتاب إلى الفرق بين الشعر العربي واليوناني (ومن بعد أشار ابن الأثير إلى فرق محتمل بين الشعر العربي والفارسي) كما وقفوا مطولاً عند مناظرة تعميمية في تبيان الفروق بين النظم والنثر، بانين مناظرتهم على غير الأصول التي وقف عندها الارسططالسيون. وينفرد حازم من بين النقاد جميعاً بأنه ربما كان أول من ربط بين الشعر والمعاني الجمهورية (١) وتحدث عن التجربة المستمدة من الحياة، وعما يكملها من التجربة الثقافية، وحاول لأول مرة ان يعيد النظر في الأوزان، وينشئ لها فلسفة جديدة، ويتحدث عن العلاقة الوثيقة بين الوزن والموضوع الشعري. ولأول مرة كذلك نجد ناقداً يتناول قضية " القوى " الضرورية للشاعر في مراحل تجربته ونظمه على السواء؛ وكان النقاد قبل حازم قد قصروا قضية الشعر على الألفاظ والمعاني والعلاقة بينهما، فإذا ارتفعوا عن هذه المشكلة تحدثوا عن الائتلاف بينهما فيما سموه النظم، وتوسلوا لتفسير حقيقة النظم بطرق مختلفة، ولكن حازماً تجاوز هذه المرحلة النقدية فميز في الشعر شيئاً سماه " الأسلوب " وآخر سماه " المنزع ".


(١) لابد من الإشارة هنا إلى اهتمام ابن الأثير أيضاً بالتعبيرات التي يتداولها الناس في حياتهم اليومية (انظر الفصل الخاص بهذا الناقد) .

<<  <   >  >>