للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

خطورة المنهج منهج الباقلاني على فكرة الإعجاز

وهذا المنهج الذي سار فيه الباقلاني اعني تحليله للقصيدة الواحدة وبيان مبلغ التفاوت فيها غير سليم النتائج لأنه يوحي بالموازنة بين شيئين متباعدين رغم ان الباقلاني حاول جاهداً ان ينفي الموازنة بقوله: (عن الكلام في الشعر لا يجوز أن يوازن به القرآن " (١) ؛ وإنما تأتي خطورة هذا المنهج من محاولة بسط حديث إيجابي عن حقيقة الاعجاز؛ وقد قلنا في غير هذا الموطن أن تبين النواحي السلبية أمر سهل فأما تقرير الصفات الإيجابية فإنه شيء بالغ الصعوبة؛ ولهذا لا أرى الباقلاني جاء بشيء ذي بال وهو يحاول أن يبين خصائص الآيات القرآنية التي درسها.

هل كل تفاوت معيب؟

وهناك أمر لم يتنبه له الباقلاني حين عاب جميع أنواع التفاوت، وذلك إن بعض التفاوت في طبيعة النظم نفسه مما يقتضيه اختلاف الأحوال النفسية، بين موقف وموقف؛ وهذا هو الذي لم يمكن الباقلاني مثلاً من فهم " قيمة التأنث " فيما ينقله امرؤ القيس من حدي النساء، هذا إذا لم يكن ناقماً عليه من الزاوية الأخلاقية.

رجوع إلى منطقة اللاتعليل

إن طبيعة هذا النقد تصل دائماً إلى مجال " اللاتعليل " بسهولة ويسر، وذلك هو ما وقف إزاءه العقد عند الآمدي والجرجاني حتى أمام بعض الآثار الشعرية التي لا يمكن ان ينسب لها الإعجاز، ولذلك بقيت لدى الباقلاني خطوة أخرى هي التمييز بين " المعجز " من كلام الخالق، وبين " الرائع " من كلام المخلوق، إذ يبدو أن الإحالة فيهما على الناقد البارع والاطمئنان إلى حكمه لا يبين الفرق بينهما.


(١) ص ٣٢٨.

<<  <   >  >>