التكلف فيه قوله " إذا قامتا تضوع المسك منهما " ولو أراد أن يجود أفاد ان بهما طيباً على كل حال، فأما في حال القيام فقط فذلك تقصير. ثم فيه خلل آخر لأنه بعد أن شبه عرفها بالمسك شبه ذلك بنسيم القرنفل، وذكر ذلك بعد ذكر المسك نقص.
٣ - ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة ... فقالت لك الويلات إنك مرجلي
تقول وقد مال الغبيط بنا معاً ... عرت بعيري يا امرؤ القيس فأنزل قوله " دخلت الخدر خدر عنيزة " ذكره تكيرياً لإقامة الوزن لا فائدة فيه غيره ولا ملاحة له ولا رونق. وقوله " فقالت لك الويلات؟ " كلام مؤنث من كلام النساء، نقله من جهته إلى شعره وليس فيه غير هذا؟ وفي مصراع الثاني أيضاً تأنيث من كلامهن.
٤ - فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع ... فألهيتها عن ذي تمائم محول
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له ... بشق وتحتي شقها لم يحول (الأول) فيه من الفحش والتفحش ما يستنكف الكريم من مثله ويأنف من ذكر (والثاني) غاية في الفحش ونهاية في السخف وأي فائدة لذكره لعشيقه كيف كان يركب هذه القبائح ويذهب هذه المذاهب ويرد هذه الموارد، عن هذه ليبغضه إلى كل من سمع كلامه ويوجب له المقت؛ وهو؟ لو صدق - لكان قبيحاً، فكيف ويجوز أن يكون كاذباً؟ ثم ليس في البيت لفظ بديع ولا معنى حسن " (١) .
وهكذا يظل الباقلاني متنقلاً في الكشف عن عيوب امرئ القيس، فبعض كلامه غير بديع وبعضه حشو؛ وفيه تناقض، وركاكة، وتأنث في التعبير ولكن أكثر ما يهيج غضبه خروج الشاعر عن الجادة الخلقي إلى ما يأنف منه الكريم.
(١) انظر الإعجاز ٢٤٣ - ٢٥٠ وقد اخترنا الأمثلة والتعليقات عليها.