للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

علينا أن نسجل أن اعتماد المقاييس النقدية الكبرى التي وضعها المشارقة قد كان عاملاً - إلى جانب عوامل أخرى كثيرة - في محاربة الإخلاد إلى النزعات الإقليمية الضيقة.

مؤلفات ابن رشيق في النقد

ويمكن أن نعد عمل ابن رشيق في كتبه الثلاثة متكاملاً فقد حاول في دراسته لشعراء القيروان في كتاب " الأنموذج " ان يطبق بعض القواعد النقدية التي حشدها في كتاب " العمدة "، وعرض في أحد الفصول الأخيرة من " العمدة " لقضية السرقة في الشعر مورداً فيها آراء العلماء وبعض أمثلتهم، حتى إذا تعرض هو نفسه لتهمة السرقة عمل رسالة " قراضة الذهب " ليدل على اطلاعه ومقدرته في هذه الناحية، بما يضعه في مصاف من تعرضوا لهذا الموضوع من النقاد.

كتاب العمدة

ولكن كتاب العمدة أهلها وأبعدها أثراً، فهو كتاب جامع من حيث انه معرض للآراء النقدية التي ظهرت في المشرق حتى عصر ابن رشيق، ألفه لأبي الحسن علي بن أبي الرجال الذي كان يعد هو وأهل بيته برامكة أفريقية (١) ، وقد ذكر في مقدمة الكتاب انه رأى الناس قد بوبوا الكلام في الشعر أبواباً مبهمة وضرب كل واحد في جهة، فجمع احسن ما قاله كل واحد منهم في كتابه: قال: " وعولت في أثره على قريحة نفسي ونتيجة خاطري، خوف التكرار ورجاء الاختصار، إلا ما تعلق بالخبر وضبطته الرواية فإنه لا سبيل إلى تغيير شيء من لفظه ولا معناه؟ فكل ما لم أسنده إلى رجل معروف باسمه ولا أخلت فيه على كتاب بعينه فهو من ذلك؟ " (٢) ؛ ويجب أن نفهم أن تعويله على نتيجة خاطره وقريحة نفسه لا يعني الابتكار، وغنما


(١) أعتاب الكتاب: ٢١٤.
(٢) العمدة ١: ٣.

<<  <   >  >>