للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يعني التصرف في النقل فيما يجوز فيه التصرف، فإذا لم يكن المنقول كذلك من خير أو رواية فعندئذ يورده بنصه، وقد كانت هذه الطريقة أحياناً موهمة لأنها جعلت بعض الدارسين يظن أن الآراء التي لا تسند إلى مصدر فهي من ابتكار ابن رشيق؛ وذلك خطأ لا يتبين إلا بعرض كتابه على ما سبق من كتب وآراء، وقد دلت هذه المعارضة على أن حظ ابن رشيق من الأصالة النقدية ضئيل.

صهر ابن رشيق لآراء الآخرين يخفي أخذه لها

ودارس العمدة معذور إذا هو لم يستطع رد كل رأي إلى صاحبه لأن ابن رشيق ساق الكلام متصلاً أحياناً، بحيث يخفى على القارئ أن خيوط النسج مأخوذة من مواضع مختلفة؛ ولأضرب هنا مثلاً واحداً، قد تجيء له أمثلة في سياق هذا البحث، يقول ابن رشيق: " وأهل صناعة الشعر أبصر به من العلماء بآلته من نحو وغريب ومثل وخبر وما أشبه ذلك؟ وقد يميز الشعر من لا يقوله، كالبزاز يميز من الثياب ما لم ينسجه؟ " (١) هذه العبارة توحي ان الأحكام فيها لابن رشيق؛ ولكنك تقرا في مواضع متباعدة بعض الشيء من مقدمة المرزوقي على شرح الحماسة قوله:

(١) ولو أن نقد الشعر كان يدرك بقوله لكان من يقول الشعر من العلماء أشعر الناس.

(٢) ويكشف هذا أنه قد يميز الشعر من لا يقوله.

(٣) والفرق بين ما يشتهي وما يستجاد ظاهر بدلالة ان العارف بالبز يشتهي لبس ما ليس يستجيده (٢) .

فانظر كيف صهر ابن رشيق هذه الأقوال، فنقض الأول منها،


(١) العمدة ١: ٧٥.
(٢) شرح الحماسة ١: ١٤، ١٣.

<<  <   >  >>