للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(٣) العناية بالتشبيه: أورد الحاتمي في حلية المحاضرة (١) صورة مجلس في بلاط هارون الرشيد دار الحوار فيه حول أحسن التشبيهات عند الشعراء، ويبدو أن هذا المجلس جمع فعلاً أكثر الأبيات التي ميزها الاستحسان على مر الزمن، لما فيها من جمال التشبيه، ولو فرضنا ان هذا المجلس من نسج الخيال، لما استطعنا أن ننكر أن ذكر الأصمعي فيه غنما كان مبنياً على شهرته في هذه الناحية أيضاً، وقد ميز الأصمعي تشبيهات امرئ القيس مثل:

كأن قلوب الطير رطباً ويابساً ... لدى وكرها العناب والحشف البالي

كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب

ولو عن ثنا غيره جاءني ... وجرح اللسان كجرح اليد وآثر الرشيد والفضل ويحيى تشبيهات أخرى، مثل تشبيه طرفة:

يشق حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم الترب المفايل باليد وتشبيه عنترة في الذباب وغير ذلك. ومما يدل على أن هذه المجموعة تمثل المختار من التشبيهات لا بالنسبة للأصمعي وحده بل بالنسبة لمن تقدمه من العلماء، قول الأصمعي نفسه (٢) " اجمع أبو عمرو بن العلاء وخلف الأحمر و [] وهؤلاء أهل العلم بالشعر أن التشبيهات العقم التي انفرد بها أصحابها ولم يشركهم فيها غيرهم ممن تقدم ولا ممن تأخر أبيات معدودات أحدها قول عنترة


(١) الورقة ١١ وما بعدها (النسخة رقم ٥٩٠) .
(٢) الورقة: ١٣ من المصدر السابق.

<<  <   >  >>