للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واحد هو " الجزالة " سواء أكان الموضوع مدحاً أو تغزلاً. جداً أو هزلاً، مع ان فناً كالغزل إنما تصلح له الرقة التي يمثلها شعر عبد المحسن الصوري والرضي ومهيار، أو ان يكون في طريقة أبي الطيب الذي يلف الغزل بالحماسة (١) .

ولا ندري إلى أي النقاد يشير ابن خفاجة حين يقول ان بعضهم اتخذ الجزالة مقياساً لكل شيء، ولعله إنما يتحدث عن بعض معاصريه ممن كان يتعقب شعره بالنقد؛ إذ لا نجد بين من تحدثنا عنهم من نقاد الأندلس من اقتصر على الجزالة وتطلبها في كل موقف؛ ولكن هذا الخبر هام لانه على ان الصراع بين طريقة العرب (وهي تقوم على الجزالة) وطريقة المحدثين (وقد تطورت حتى أصبحت محاكاة لشعر عبد المحسن والشريف ومهيار) كان ما يزال قائماً في القرن السادس.

لماذا لجأ ابن خفاجة إلى مصطلح " التخييل "

كذلك فإن لفظة " التخييل " التي استعملها ابن خفاجة إنما صدرت عن دوائر النقد المتصل بالفلسفة أو المتأثر بها فرأيناها عند الفارابي وابن سينا وعبد القاهر؛ وقد قرنها الشاعر بفكرة الكذب، وحدد هذا الكذب بالخلف بين القول والفعل، ولم يلمح أن فكرة الكذب كانت تتصل عند بعض النقاد (قدامة مثلاً) بالغلو، وهو قد يكون في الصورة أو في الوصف ولا يكون الكذب قاصراً على الفعل وحده، وإنما لجأ غليها الشاعر ليرد على الاتجاه الأخلاقي الذي كان يؤاخذ الشاعر بقوله في شعره " إني فعلت " و " إني صنعت "، إصراراً على ان الشعر بذلك يصور واقع الحياة.


(١) ديوانه: ١١ - ١٦.

<<  <   >  >>