للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذه العلوم بل لابد له من حفظ كلام العرب شعراً ونثراً (١) ؛ وليس معنى ذلك أن تربية الملكة تجعل عمل الشعر شيئاً ميسراً، فالشعر فن صعب على أهل العصور المتأخرة ولذلك يحتاج صاحبه إلى " تلطف في تلك الملكة حتى يفرغ الكلام الشعري في قوالبه التي عرفت له، في ذلك المنحى من شعر العرب " (٢) ؟. إذن فإن الملكة في اللسان وحدها لا تكفي بل لابد من أن يجتمع معها ذلك التلطف في مراعاة الأساليب الشعرية التي جعلتها العرب وقفاً على الشعر (٣) .

تعريف جديد للشعر

ولكن ما هو الشعر؟ لقد درج العروضيون على أن يقولوا في حدة إنه الكلام الموزون المقفى؛ وهذا الحد لا يعجب ابن خلدون لأنه قاصر ولا يلائم غلا النظرة العروضية، ولذا فهو يضع للشعر الحد التالي: " الشعر هو الكلام البليغ المبني على الاستعارة والأوصاف، المفصل بأجزاء متفقة في الوزن والروي، مستقل كل جزء منها في غرضه ومقصده عما قبله وما بعده، الجاري على أساليب العرب المخصوصة به " (٤) ؛ وأهم جزء من هذا التعريف وأشده غموضاً هو " الجاري على أساليب العرب "، فإذا لم يجر على تلك الأساليب، وإن احتوى جميع العناصر الأخرى فإنه لا يعد شعراً وإنما هو كلام منظوم، أو أي شيء غير ذلك، وبهذا السبب يخرج المتنبي والمعري من نطاق الشعر، كما سبق القول.


(١) المقدمة: ١٢٩٤ وانظر ١٢٩٠ - ١٢٩١ حيث يقول أن الإعراب والبيان والعروض علوم خارجة عن الصناعة الشعرية.
(٢) المقدمة: ١٢٩٠.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) المقدمة: ١٢٩٥.

<<  <   >  >>