للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٤ - المفاضلة بين شاعرين:

كانت المفاضلة بين شاعرين وأكثر محوراً يدور حول كثير من النقد القديم، ولكن أصولها كانت بسيطة ساذجة، تلخص الإعجاب العام لدى أحد المتذوقين بشاعر دون آخر، أما في هذا العصر، فقد اتسع باب القول في المفاضلة وألفت فيها رسائل: وكانت تلك خطوة في الاتجاه الذي اعتمده الآمدي من بعد في كتاب " الموازنة ".

رسالة أبي احمد المنجم في المفاضلة بين العباس والعتابي

من ذلك رسالة كتبها أبو احمد يحيى بن علي المنجم (٢٤١ - ٣٠٠) يفاضل فيها بين العباس بن الأحنف والعتابي، ويفضل الأول منهما على الثاني؛ وابن المنجم هذا كان متكلماً معتزلي المذهب ينادم معاصريه من خلفاء بني العباس (١) ؛ وقد بنيت الرسالة على أصول مناظرة قامت بينه وبين رجل يدعى المتفقه الموصلي في مجلس علي بن عيسى الوزير، فلما انقض المجلس، كتب ابن المنجم رسالة في هذا الموضوع وأنفذها إلى الوزير المذكور. وليست لدينا صورة من هذه الرسالة، وغنما احتفظ ببعض ما جرى في المناظرة الصولي، ونقل المرزباني ما أورده في كتاب الموشح (٢) . ولا ريب في أن الرسالة اكثر ترتيباً وتعمقاً وتفصيلاً ولكن ما جاء في المناظرة قد يعطي بعض صورة عنها. قال ابن المنجم: " ما أهل نفسه العتابي قط لتقديمها على العباس بن الأحنف في الشعر، ولو خاطبه بذلك مخاطب لدفعه وأنكره لأنه كان عالماً لا يؤتي من معرفة بالشعر، ولم أر أحداً من العلماء بالشعر قط مثل بين العباس والعتابي فضلاً عن تقديم العتابي عليه لتباينهما في المذهب، وذلك أن العتابي متكلف والعباس يتدفق طبعاً، وكلام هذا


(١) انظر الفهرست: ١٤٣.
(٢) انظر الموشح: ٤٤٩ - ٤٥١.

<<  <   >  >>