للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أبو العباس المبرد (٢١٠ - ٢٨٦)

لم يدرج المبرد في النقاد؟

لو تابعنا الصولي في حديثه عن ثعلب والمبرد معاً وانهما لم " يدعيا التقدم في علم شعر المحدثين؟. وتمييز نادره ووسطه؟ ومعرفة استراقات الشعراء " لما جاز أن ندخل المبرد في عداد النقاد؛ ولكن المبرد يتميز عن ثعلب (حتى أن صحت نسبة " قواعد الشعر " له) بشيء كثير، فقد كان أسرع من معاصره اللغوي إلى تبني الشعر المحدث ومنحه شيئاً كثير، فقد كان أسرع من معاصره اللغوي إلى تبني الشعر المحدث ومنحه شيئاً كثيراً من عطفه، واعتماده أصلاً من أصوله في تدريسه لطلابه (١) ، وأفراده بالاختيار، فهو لم يكتف بإيراد نماذج منه في كتبه العامة كالكامل والفاضل، وإنما خصص كتاب " الروضة " لأشعار المحدثين؛ هذه ناحية؛ وناحية أخرى أن المبرد كان أستاذاً لكثير من الأجيال في القرن الثالث، ولذا أصبح رأيه فيما يقبله وما يدفعه عمدة لدى النقاد في أواخر ذلك القرن أو في مطلع الرابع؛ فالذين كانوا ينكرون طريقة أبي تمام لجأوا إلى الاستشهاد بموقفه فقالوا: " وهذا أبو العباس محمد بن يزيد المبرد كان معرضاً عنه، ما علمناه دون له كبير شيء، فهذه كتبه وأماليه وإنشاداته تدل على ذلك؟ " وهؤلاء أيضاً يستأنسون بقوله في البحتري: " ما رأيت أشعر من هذا الرجل؟ لولا أنه ينشدكم كما أنشدني لملأت كتبي من أمالي شعره " (٢) .


(١) راجع طبقات ابن المعتز: ١٩٧ لترى كيف أن المبرد يدرس تلميذه أبن المعتز قصيدة لأبي نواس ويشرحها له.
(٢) الموازنة ١: ٢١ قلت: أنظر ص ٦٥، ٧١ من " الفاضل " حيث يورد شعراً لأبي تمام.

<<  <   >  >>