للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مأخوذ من قولهم " الفكر مرآة تريك حسنك من قبيحك ".

وقول ابن أبي عيينة:

إن الليالي والأيام أنفسها ... عن غير أنفسها لم تكتم الخبرا أخذه أبو تمام فقال:

عمري لقد نصح الزمان وانه ... لمن العجائب ناصح لا يشفق " فزاد بقوله: ناصح لا يشفق على قول ابن أبي عيينة شيئاً طريفاً، وهكذا يفعل الحاذق بالكلام " (١) وحسبنا هذا للدلالة على أن المبرد قد شارك في جوانب من الاتجاهات النقدية في عصره، وكان الوقوف عند السرقات من أهم الاتجاهات الناشئة حينئذ.

خلطه بين الشعر والخطابة

غير أنه يبدو لنا أن المبرد كان قد تمثل قواعد " الخطابة " اكثر من تمثله لمبادئ نقد الشعر، فمزج بين الفنين في نقده - كما فعل في رد معاني الشعر إلى أصول من النثر عند حديثه عن السرقة. ومع أن المبرد لن يكون الناقد الوحيد الذي يمزج بين قواعد الصناعتين، فإن وجهته النقدية تدل على انه كان أميل إلى إدراك المفهومات البلاغية، فتراه يتحدث في الشعر عن " الاستعانة "، وأصل الاستعانة أن يعمد المتحدث إلى ألفاظ يتكئ عليها ليتذكر ما بعدها؛ " كنحو ما تسمعه في كثير من كلام العامة قولهم الست تسمع؟ أفهمت؟ أين أنت؟ وما أشبه هذا، وربما تشاغل العيي بفتل إصبعه ومس لحيته " (٢) ويطبق المبرد هذا


(١) الكامل ٢: ١٢، ١٤.
(٢) الكامل ١: ٣٠ - ٣١ وقد أورد الجاحظ لفظ " الاستعانة " في تعريف العتابي للبلاغة (البيان ١: ١١٣) .

<<  <   >  >>