وحرمت الشريعة الإسلامية الإساءة إلى الحيوان بتحميله من الأثقال ما لا يطيق، وكان الصحابة الكرام يعرفون أن من حمّل دابة ما لا تطيق حوسب على ذلك يوم القيامة، فقد روي عن أبي الدرداء أنه قال لبعير له عند الموت:"يا أيها البعير لا تخاصمني عند ربك، فإني لم أكن أحملك فوق طاقتك"، وعن عبد الله بن جعفر قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم..فدخل حائطا ً_أي بستانا_ لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت، فقال:"من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ " فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال:" أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكى إليّ أنك تجيعه وتدئبه" أي تعمل عليه عملا متواصلا، رواه أحمد وأبو داود.
وروى أحمد أيضا ًمن حديث طويل عن يحي بن مرة قال فيه: وكنت معه – أي مع النبي – جالسا ًذات يوم إذ جاء جمل يخب حتى ضرب بحرانه بين يديه، فقال:"ويحك تنظر لمن هذا الجمل؟ إن له لشأنا" قال: فخرجت ألتمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار، فدعوته إليه، فقال:"ما شأن جملك هذا" فقال: وما شأنه؟ لا أدري والله ما شأنه، عملنا عليه، ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية، فأتمرنا البارحة أن ننحره ونقسم لحمه، قال:"فلا تفعل، هله لي أو بعنيه"، وعن سهل بن الحنظلية قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لصق ظهره ببطنه فقال: "اتقوا الله في هذه البهائم فاركبوها صالحة.." رواه أبو داود وابن خزيمة، إلا أنه قال:"قد لحق ظهره".
وإذا كانت الشريعة قد حرمت ركوب ما لم يخلق للركوب من الحيوان، فقد حرمت أيضاً أن يحمل على ما لم يخلق للحمل منه كالبقر مثلا، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت: إني لم أخلق لهذا ولكني إنما خلقت للحرث" قال القرطبي في الجامع (١٠/٧٢) معقبًا: "فدل هذا الحديث على أن البقرة لا يحمل عليها ولا تركب" ويقول أيضاً في تفسير قوله تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُم} : "في هذه الآية دليل على جواز السفر