للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال القرطبي: "اختلف الفقهاء في حكم الساحر المسلم ... فذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كفراً يقتل ولا يستتاب ولا تقبل توبته؛ لأنه أمر يستسر به كالزنديق والزاني ... وهو قول أحمد بن حنبل وأبي ثور وإسحاق والشافعي وأبي حنيفة.١

وقد أيدوا قولهم بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة وأفعال الصحابة والتابعين منها ما يلي:

الأول: قال تعالى {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ... الآية} ٢

وجه الدلالة: أن الآية تدل على أن السحر كفر من وجوه - أحدها: نفي الكفر عن سليمان عليه السلام في معرض اتهامه بالسحر وإثباته للشياطين لتعليمهم الناس السحر دليل على أن السحر كفر.

ثانيها: تحذير الملكين من تعلم السحر بأنه كفر٣. وعليه فإن الساحر يقتل لأنه كافر.

الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن الحسن عن جندب أنه صلى الله عليه وسلم قال: "حد الساحر ضربة السيف" ٤


١ تفسير القرطبي ج٢ص٤٧-٤٨.
٢ آية ١٠٢ سورة البقرة.
٣ المغني ج٨ص١٥٢ وتفسير القرطبي ج٢ ص ٤٧، ٤٩ وأحكام القرآن للجصاص ج١ص٦٣.
٤ واه الترمذي في كتاب الحدودباب ماجاء في حد الساحر ج٤ ص٦٠ وضعف إسناده حيث قال: لا نعرفه مرفوعاً: إلا من هذا الوجه وإسماعيل بن مسلم يضّعف في الحديث من قبل حفظه ... والصحيح عن جندب موقوف انظر نيل الأوطار ج٧ص٣٦٢-٣٦٣ وعلى هذا فهو عند الترمذي المرفوع ضعيف والصحيح أنه موقوف. ورواه أيضاً الحاكم في المستدرك في كتاب الحدود باب حد الساحر ضربة بالسيف ج٤ص٣٦٠ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ويرحج ما قاله الحاكم العمل بمدلوله عند كثير من الصحابة والتابعين - كعمر وعثمان وابن عمر وحفصة وأبي موسى وقيس بن سعد وعمر بن عبد العزيز وغيرهم - انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج٢ ص٤٨ وأحكام القرآن ج١ص٦٠.

<<  <   >  >>