للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأول ما نرى احمد بن محمد هذا المنتسب إلى بني دراج وهم فرع من صنهاجة (١) ، المنسوب لقسطلة دراج من أعمال جيان (٢) ، كاتبا من كتاب الإنشاء في أيام المنصور بن أبي عامر، ولعل الحظوة التي نالها صاعد عند المنصور بشعره قد أثرت في نفسه فأراد لنفسه شيئا شبيها بها، فنظم قصيدة عارض فيها صاعدا، ومنها (٣) :

أضاء لها فجر النهى فنهاها ... عن الدنف المضنى بحر هواها

وضللها صبح جلا ليله الدجى ... وقد كان يهديها الي دجاها وأراد ان يكون له بها اسم مقيد في ديوان الشعراء، فتألب عليه النقاد فيما يبدو، ودفعوه عن مرتبة الإجادة، وربما اتهموه بأنه لا يستطيع إلا المعارضة، وادعوا عند المنصور انه منتحل سارق لا يستحق ان يكون له عطاء منظم، وفي نفس المنصور من ذلك شيء لأنه لم يغب عنه ان القصيدة جيدة، ومع ذلك عقد له مجلس امتحان في ٣شوال سنة ٣٨٢ (وسن ابن دراج يومئذ لا تقل عن ٣٥ سنة) واقترح عليه النظم في موضوع معين، فنظم ما اعجب المنصور، فأعطاه مائة دينار وأجرى عليه الرزق، وكتب اسمه في ديوان العطاء، واتعظ ابن دراج بهذه الحادثة، فأخذ يدأب على تجويد الشعر ويسهر في حوكه، وفي ذلك المجلس نفسه عبر للمنصور عن المعنى الذي استحضر من اجله، وكذب دعوى الذين اتهموه بالسرقة، ودافع عن نفسه بقصيدة مشهورة عند الأندلسيين مطلعها (٤) :

حسبي رضاك من الدهر الذي عتبا ... وعطف نعماك للحظ الذي انقلبا


(١) جمهرة الأنساب: ٤٦٦
(٢) تسمى اليوم Cacella وهي في البرتغال (انظر نكل: ٥٦) -
(٣) الجذوة: ١٠٣
(٤) الجذوة: ١٠٣

<<  <   >  >>