للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بكرة، وهؤلاء: مواليدهم وعامة زمن أكثرهم وأكثر مقامهم بالحجاز وتهامة والطائف، وجمهرة أعمارهم خلت هناك. وان ذكروا الشاميين نوهوا بعبادة بن الصامت وأبي الدرداء وأبي عبيدة بن الجراح ومعاذ ومعاوية، والأمر في هؤلاء كالأمر فيمن قبلهم. وكذلك في المصريين: عمرو بن العاص وخارجة بن حذافة العدوي، وفي المكيين: عبد الله ابن عباس، وعبد الله بن الزبير (١) ، والحكم في هلاء كالحكم فيمن قصصنا، فيمن هاجر إلينا من سائر البلاد، فنحن أحق به، وهو منا بحكم جميع أولي الأمر منا، الذين إجماعهم فرض اتباعه، وخلافه محرم اقترافه، ومن هاجر منا إلى غيرنا فلا حظ لنا فيه، والمكان الذي اختاره أسعد به، فكما لا ندع إسماعيل بن القاسم، فكذلك لا ننازع في محمد بن هانيء سوانا، والعدل أولى ما حرص عليه، والنصف أفضل ما دعي إليه، بعد التفصيل الذي ليس هذا موضعه، وعلى ما ذكرنا من الإنصاف تراضى الكل.

٧ - وهذه بغداد حاضرة الدنيا، ومعدن كل فضيلة، والمحلة التي سبق أهلها إلى حمل ألوية المعارف، والتدقيق في تصريف العلوم، ورقة الأخلاق والنباهة والذكاء وحدة الأفكار ونفاذ الخواطر، وهذه البرة وهي عين المعمور في كل ما ذكرنا: وما أعلم في أخبار بغداد تأليفا غير كتاب أحمد بن أبي طاهر (٢) . وأما سائر التواريخ التي ألفها أهلها، فلم يخصوا بها بلدتهم دون سائر البلاد، ولا اعلم في أخبار البصرة، غير


(١) هذا هو النظام الذي جرى عليه ابن سعد في الطبقات، ولكن الأمر في ذلك يختلف عما يذهب إليه ابن حزم، فليس هناك من مترجم مثلا يقول: ان عليا كوفي أو أن عمرا مصري.
(٢) أبو الفضل احمد بن أبي طاهر طيفور (- ٢٨٠) : ترجمته في معجم الأدباء ١: ١٥٢ وتاريخ بغداد والفهرست، وقد بقيت قطعة من كتاب تاريخ بغداد نشرها المستشرق هنسي كلر بالزنكوغراف: ١٩٠٨ وأعيد طبعها بمصر ١٣٦٨هـ وبقي من كتاب " المنظوم والمنشور " جزءان (القاهرة أدب ٥٨٧) .

<<  <   >  >>