للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الله تعالى (١) ، وكذلك بلغنا رد القاضي (عبد الله بن) احمد بن طالب التميمي على أبي حنيفة وتشنيعه على الشافعي (٢) ، وكتب ابن عبدوس ومحمد بن سحنون (٣) وغير ذلك من خوامل تآلفهم دون مشهورها.

٨ - وأما جهتنا فالحكم في ذلك ما جرى به المثل السائر " أزهد الناس في عالم أهله " وقرأت في الإنجيل ان عيسى عليه السلام قال: " لا يفقد النبي حرمته إلا في بلده ". وقد تيقنا ذلك بما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من قريش، وهم أوفر الناس احلاما، وأصحهم عقولا، وأشدهم تثبيتا، مع ما خصوا به من سكناهم افضل البقاع، وتغذيتهم باكرم المياه، حتى خص الله الاوس والخزرج بالفضيلة التي أبانهم بها عن جميع الناس، والله يؤتي فضله من يشاء. ولا سيما أندلسنا، فانها خصت من حسد أهلها للعالم الظاهر فيهم، الماهر منهم، واستقلالهم كثير ما يأتي به، واستهجانهم حسناته، وتتبعهم سقطاته وعثراته، واكثر ذلك مدة حياته، بأضعاف ما في سائر البلاد. إن أجاد قالوا: سارق مغير، ومنتحل مدع، وإن توسط قالوا: غث بارد وضعيف ساقط، وان باكر الحيازة لقصب السبق قالوا: متى كان هذا؟ ومتى تعلم؟ وفي أي زمان قرأ، ولأمه الهبل. وبعد ذلك ان ولجت به الأقدار أحد طريقين أما شفوعا دائما يعليه على نظرائه، أو سلوكا في غير السبيل التي عهدوها، فهنالك حمي الوطيس على البائس، وصار غرضا للأقوال، وهدفا للمطالب، ونصبا للتسبب إليه، ونهبا للألسنة، وعرضة للتطرق إلى عرضه، وربما نحل ما لم يقل، وطوق ما لم يتقلد، وألحق به ما لم يفه به ولا


(١) انظر الخشني: ٣٠٦، وكان ابن عبدون قاضيا، وكذلك: ٢٤٢ قال: وكان موثقا كاتبا للشروط والوثائق.
(٢) انظر المالكي: ٣٧٥، ٥٠٤ قال: وله كتب يرد فيها على الشافعي لا بأس بها.
(٣) انظر الخشني: ١٨٢، ١٧٨، والمالكي: ٣٦٠، ٣٤٥ حيث ترجمة كل من ابن عبدوس وابن سحنون.

<<  <   >  >>