للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعض الشعراء إيجاد لغة شعرية جديدة؟ كل بمفرده - نجد أن بعضا آخر منهم ما يزال يستعين بالصور المعروفة المألوفة، والموضوعات المألوفة. فالهجائية القديمة؟ مثلا - ما تزال كذلك في حدتها وعنفها وتعميمها وإن أصبحت تدور حول السياسي المنحرف والشاعر المتملق، كل هذا يحدث اختيارا، عدا ذلك الجانب اللغوي الحتمي الذي أشرت إليه فيما سبق، ولهذا يمكن القول؟ على وجه اليقين لا إرضاء لمحبي التراث - أن هذا الشعر لم يستطع أن يتجاوز التراث الشعري القديم إلا قليلا. ولعل هذا أن يكون وضعا طبيعيا، فإن تصور الشاعر لجمهوره؟ مسبقا - هو الذي يحدد مدى تراثيته أو مدى تجتوزه للتراث، وبين هؤلاء الشعراء من يؤمن أن الشعر فعالية إنسانية لا بد من أن تؤدي دورها في إيقاظ المجتمع، وفي هذا الصدد تصبح مخاطبة المجتمع؟ أو الجمهور - وصلا لهذا الشعر بالتراث حتى يستطيع ذلك المجتمع؟ او الجمهور - التراثي في نزعته قادرا على تذوقه والتأثر به.

وأما موقف الشاعر الحديث من التراث الحضاري بعامة، فإن الحديث عنه يستلزم أن نوسع من مدلول التراث ومجاله، إذ هو لم يعد تراثا عربيا إسلاميا، وحسب، وإنما غدا تراثا إنسانيا؟ من بعض الجوانب - والشاعر الحديث يتعامل مع هذا التراث من زوايا مختلفة، نستطيع أن نعد منها أربعا (١) ، على أن نتذكر أنها ليست متساوية في


(١) يمكن للدارس أن يزيد زوايا أخرى من التعامل مع التراث، مثل إدخال الأقوال الحكمية والأمثال في الشعر، وهو منهج واضح بقوة في شعر البياتي، هذا إلى زوايا أخرى مثل أن يتجه الشاعر إلى حقل ما - كالفلسفة أو غيرها - ويعتمد عليه كثيرا في تصور الماضي - ومن ثم الحاضر.

<<  <   >  >>