للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلا أنه؟ فيما يبدو - لا يزال يحس بأن الصلة لا يمكن أن تنقطع، لأن التوجه إلى الغد لا يعني رفض الماضي.

وأما أدونيس فإنه يطيل الوقوف عند الجوانب السلبية في تاريخنا، حتى لتبدو لهجته رفضا كليا لا علاقة كبيرة بينه وبين ذلك الصوت الذي يتجه نحو الاعتدال، والذي اقتبسته فيما تقدم، ومن أمثلة ذلك قوله في قصيدته المنثورة " مرثية الأيام الحاضرة ":

في أية جداول بحرية نغسل تاريخنا المضمخ بمسك العوانس والأرامل العائدات من الحج الملوث بعرق الدراويش، حيث تنخطف السراويل ويحبل الصوف بالعجزة، وتحظى بربيعها جرادة الروح " ولا ريب في أن نظرة أدونيس إلى الماضي متصلة بمبدأي الرفض والتحول المتلازمين، وفي إطار نظرته الكلية إلى الزمن يمكن أن تفهم حقيقة موقفه من التراث، ولعلني أعود إلى الحديث عن موقفه من التاريخ؟ عامة - فيما يلي.

وعند الحديث عن علاقة الشاعر المعاصر بالتراث الشعري نرى تفاوتا واضحا كذلك حقا أن اللجوء إلى الشكل الشعري الجديد كان يمثل محاولة للتحرر من الشكل القديم، وقد استطاع هذا الشكل أن يمنح الشاعر حرية في الحركة والاختيار، والتخفيف من رتابة الوزن والقافية، وخلق صور ورموز، والتغلغل إلى ضروب الصراع في الحضارة الحديثة، ولكن ما يزال بعض الشعراء الذين اختاروا هذا الشكل يميلون إلى استعمال الشكل القديم، وما تزال للقافية سيطرة هامة، بل أن الشاعر أحيانا يركب من أجلها نهايات قلقة في سطور قصيدته، كما أن الرتابة عادت تستولي على جانب كبير من هذا الشعر لقلة الأبحر الشعرية التي تصلح للتنويع في التفعيلات. وبينما يحاول

<<  <   >  >>