للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حزم الأندلسي، ولولا أنه مزج كتابه بأشعاره الكثيرة، والتزم فيه تقسيمات مصطنعة، لاستوفى المتعة الصحيحة، وما قصر عن الغاية.

وإلى جانب العاملين السابقين وهما روح الثورة والتعري، نجد السير الذاتية والمذكرات واليوميات في أدبنا، مفتقرة إلى العمق النفسي، الذي وجدنا بعض خيوط دقيقة منه عند ابن حزم الأندلسي. وهذا شيء يتمشى مع العنصرين الأولين، ويعتمد إلى حد كبير على التوافق بين الفرد ومجتمعه، ونظرته إلى نفسه وإلى الناس، وهو أعمق بكثير من الفخر الفردي القائم على تعداد المآثر في الذات، وملاحظة السيئات في الآخرين. ولا يزال مجتمعنا حتى اليوم يؤهل لهذه السطحية، لأن التكأة الفلسفية للشخصية فيه ضعيفة أو مكسورة، وقد نجد هناك براعة في نقل الحركة الخارجية في القصة والمسرحية والسيرة، ولا نجد هذا الغوص داخل النفس، إلا قليلاً، وهو عمق تتبلور حوله الشخصيات، وتعيش خالدة متميزة.

ويمكن أن نقسم السير الذاتية وما شابهها، حسب كيانها العام وغايتها، إلى الأصناف التالية:

(١) الصنف الإخباري المحض، وهو يضم الحكايات ذات العنصر الشخصي سواء أكانت تسجل تجربة أو خبراً أو مشاهدة، كتلك الحكايات التي يقصها الجاحظ وأبو حيان والصلاح

<<  <   >  >>