للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

على الأسلوب الأدبي، فأسلوب طه حسين موسيقي مرنم، تصويري، كثير التكرار، باعث على الاسترخاء، وأسلوب أحمد أمين بسيط هادئ إخباري. والحقيقة أن أحمد أمين قد عاد بالسيرة الذاتية إلى التاريخ، وابتعد عن الناحية الفنية، التي تجعل من السير الذاتية ينبوعاً يتدفق من النفس، ويفيض على ما حولها. على أنا لا ننكر أن الصراحة توفرت في " حياتي " على وجه قريب لا استعلاء فيه، وأن الالتفات إلى الدقائق الصغيرة، وإن ملأ الكتاب بالعادي المبتذل من الأخبار، فقد كان كثير من الأحيان مفيداً، ومن نظر إلى الكتاب بعين الإنصاف فإنه يكبر صراحة رجلٍ يقول:

" لكم تمسكت في شبابي بالمبدأ وإن ضرني، واستقلت من عمل يدر علي الربح لأني رأيته يمس كرامتي، وبنيت آمالاً واسعة على ما أستطيعه من إصلاح وما أحققه من أعمال ثم رأيت كثيراً من هذه الآمال يتبخر، وما أنوي من أعمال يتعثر، وها أنا ذا في شيخوختي قد أقبل ما كنت أرفض، وقد أتنازل عن بعض المبادئ التي كنت ألتزم " (١) .

وقد أملى أحمد أمين أكثر كتابه من الذاكرة، ففوت عليه تراخي الزمن بعض الأمور، وأعتقد كما قلت في غير هذا


(١) حياتي: ٣٤٥.

<<  <   >  >>