للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المكان (١) ، " أن الكتاب تأخر قليلاً عن أوانه؟ تأخر حتى أصبح الأستاذ أحمد أمين يعاني المرارة التي يخلقها المرض والشعور بتغير الناس وتنكر الأهل والأبناء والأصدقاء ".

وقد استطاع أن يحتفظ للكتاب بروح التواضع التي كانت من أظهر خصائصه الخلقية، إلا أن اتصال حياته بكثير من الأحياء جعله أيضاً يتغاضى عن بعض ما يسيء إليهم، ويحذف ما لا تطاوعه نفسه على إثباته، من ذلك مثلاً أنه تحدث عن وقفته إلى جانب الأستاذ أمين الخولي، حين كانا زميلين بمدرسة القضاء، ولكنه أغفل الحديث عن نهاية ما كان بينهما من علاقة حين أصبحا معاً في الجامعة، وحين تعرض لذكر العلاقة بينه وبين الدكتور طه حسين، حاول أن يجد للخلاف الأخير بينهما أساساً نفسياً وفكرياً، وأعرض عن تفصيل الأمور التي جرت إلى ذلك في النظرة، والإنصاف في الحكم، وهذا شيء عسير لا يمكن أن يبلغ الإنسان فيه حد الكمال.

ولست أعني بهذين الكتابين لأنهما كل ما كتب في أدبنا المعاصر من سير ذاتية، وإنما أعرض بهما اتجاهين متفاوتين، فكتاب " حياتي " ذو صلة بالتاريخ والمذكرات، وهو يقف في صف مع مذكرات محمد كرد علي ومذكرات الرافعي ومحمد


(١) انظر الأبحاث، السنة ٨ كانون الأول ١٩٥٥ (ص ٤٩٥) .

<<  <   >  >>