للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أفسدت عليها الأساس الذي تعتمد عليه (١) ، وإنما أساس السيرة هو الإنسان، أو شخصيته وتجاربه، فإذا وقع الكاتب تحت تأثير العاطفة الدينية قلت رغبته في التجارب الإنسانية، ونظر إلى الآخرة بدلاً من أن ينظر إلى الدنيا، وأبقى ونفى وفقاً لهذه النظرة، وتذمم من أن يذكر بعض الآثام والنقائض، لئلا يرسم للناس القدوة السيئة والمثال المضلل.

غير أن هذا اللون من السير، لم يكن اللون الوحيد في الغرب، بل كانت سير العظماء والملوك تتمشى جنباً إلى جنب مع سير القديسين، وبعد عصر النهضة أصبحت السيرة مجالاً خصباً لتأبين الميت، وخير من كانوا يؤدون هذه المهمة الأقرباء والأصدقاء. وكثيراً ما كان المرء يختار من يكتب له سيرته بعد موته، غير أن النهضة قللت بعض الشيء من طغيان النغمة الدينية في الحياة، وازداد عدد القراء أكثر من ذي قبل، وأخض بصيص من روح الديموقراطية يشع في بعض النفوس، حتى أوحي هذا لبعض الكتاب أن كل شخص يمكن أن تكتب سيرته. ومع كثرة السير وازديادها، كان محورها في الغالب هو النجاح في التجارة أو في الجرائم، لأن هذا اللون كان مثيراً للناس يومئذ (٢) .


(١) Nicolson: The Develoment of Eng. Biography p. ١١١.
(٢) راجع (Biography) Dict. Of World Literary Terms.

<<  <   >  >>