للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتسجيل هذا اعجب ف كتاب أسهل قبولاً من إشاعته اللسان؛ من ذلك حديث العقاد عن نفسه في " سارة " فإنه أخف مئة مرة، من حديثه عن نفسه للنفر الذي يحضر مجلسه كل جمعة.

وبين المتحدث عن نفسه وكاتب السيرة الذاتية فرق كبير، فالأول لا يزال كلما أمعن في تيار الحديث يثير شكنا، والثاني يستخرج الثقة الممنوحة له منا، خطوة أثر خطوة؛ ولذلك كان الأول شخصاً عادياً أو أقل من العادي في نفوسنا أما الثاني فشيء مغاير له تماماً، لاعتقادنا أنه لم يكتب سيرته لملء الفراغ فحسب، وإنما كتبها لتحقيق غاية كبيرة؛ أبسطها الغاية التي ذكرها سبنسر في سيرته وهي أن يجعل كتبه واضحة لمن يقرؤها؛ أو ليعرف الناس بالكتب التي ألفها والتي يزمع تأليفها، كما فعل ابن الهيثم في سيرته حيث قال: إني لم أزل منذ عهد الصبا مروياً في اعتقادات هذا الناس المختلفة، وتمسك كل فرقة منهم بما تعتقده من الرأي، فكنت متشككاً في جميعه، موقناً بأن الحق واحد وإن الاختلاف فيه إنما هو من جهة السلوك إليه. فخضت لذلك في ضروب الآراء والاعتقادات وأنواع علوم الديانات، فلم أحظ منها بطائل، ولا عرفت منه للحق منهجاً، ولا إلى الرأي اليقيني مسلكاً جدداً، فرأيت أنني لا أصل إلى الحق إلا من آراء يكون عنصرها الأمور الحسية، وصورتها الأمور العقلية ... فلما تبينت ذلك أفرغت وسعي إلى طلب علوم الفلسفة ... وأنا أشرح ما صنعته، ليوقف منه على موضع

<<  <   >  >>