للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الرِّبَوِيَّاتِ التَّحْرِيمُ إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى إبَاحَتِهِ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا تَعَارَضَ مَا يَقْتَضِي إلْحَاقَ التَّخَايُرِ بِالتَّفَرُّقِ وَمَا يَقْتَضِي عَدَمَهُ تَعَيَّنَ الرُّجُوعُ إلَى الْأَصْلِ فَكَيْفَ وَلَمْ يَحْصُلْ تَعَارُضٌ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ التَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَا عَلَى جَعْلِ التَّفَرُّقِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَظِنَّةٌ بَلْ شَرْطٌ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ وَالْعَقْدُ بِالتَّخَايُرِ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَتَقَدُّمُ صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَى شَرْطِهِ مُمْتَنِعٌ وَأَمَّا مَا قَبْلَ التَّخَايُرِ فَالصِّحَّةُ الْمَحْكُومُ بِهَا كَلَا صِحَّةٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ فَكَذَلِكَ اُكْتُفِيَ بِالْقَبْضِ فِيهَا وَأَيْضًا فَالتَّفَرُّقُ اُعْتُبِرَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَكَامُلِ الرِّضَا وَالتَّخَايُرُ الْمُصَرِّحُ بِذَلِكَ أَوْلَى (فَإِنْ قُلْتَ) التَّخَايُرُ قَبْلَ التَّقَابُضِ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ بَاطِلًا فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَجَبَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ وَهُوَ اللُّزُومُ كَمَا قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا وَجَبَ أَنْ يَلْغُو وَيَبْقَى الْخِيَارُ بِحَالِهِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَالْحُكْمُ بِكَوْنِهِ مُبْطِلًا لِلْعَقْدِ بَعِيدٌ (قُلْت) بُطْلَانُ الْعَقْدِ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ التَّخَايُرِ بَلْ عَنْ عدم التقابض والتخاير مين لَنَا غَايَةَ الْوَقْتِ الَّذِي اُشْتُرِطَ فِيهِ التَّقَابُضُ كَالتَّفَرُّقِ فَالتَّخَايُرُ قَاطِعٌ لِلْمَجْلِسِ حَقِيقَةً لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الرِّضَا الْكَامِلِ وَإِنْ تَخَلَّفَ لُزُومُ الْعَقْدِ عَنْهُ والله أَعْلَمُ

*

(التَّفْرِيعُ) إذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ فَتَقَابَضَا بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَقَدْ تَمَّ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِالتَّخَايُرِ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَهَلْ يَأْثَمَانِ بِذَلِكَ؟ جَزَمَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالنَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْخِيَارِ أَنَّهُ بِاللُّزُومِ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمَا التقابض وأنهما

<<  <  ج: ص:  >  >>