في الجناية وقعت فيه مزاحمة وهو حق الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهَذَا الْمَعْنَى فَارِقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرِيضِ أَيْضًا وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِالْبُطْلَانِ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَبِهَذَا أَقُولُ وَجَعَلَ الْقَوْلَ بالجواز مخرجا ومسند التخريج إلْزَامِ الْمُزَنِيِّ لِمَا فُهِمَ عَنْ الشَّافِعِيِّ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ وَحَكَى صَاحِبُ التَّتِمَّةِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا خَرَّجَ قَوْلًا ثَالِثًا أَنَّ الْعَقْدَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ قد نَفَذَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ بَطَلَ كَالْمُفْلِسِ إذَا بَاعَ بَعْضَ أَعْيَانِ أَمْوَالِهِ وَقَدْ تَعَرَّضَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لِهَذَا وَأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ أصحابنا حتى خرج هذا القول وليس بشئ وَالِاشْتِبَاهُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ يُرَدُّ الْبَيْعُ إلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ السَّيِّدُ وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَرُدُّ الْمَبِيعَ وَهُوَ الْعَبْدُ (وَقَوْلُهُ) يَتَطَوَّعُ السَّيِّدُ يَعْنِي بِدَفْعِ الْأَرْشِ أَوْ الْقِيمَةِ فَلَا يُبَاعُ الْعَبْدُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ حَكَى مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ قَوْلًا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ إلَى تَخْرِيجٍ قَالَ فَإِذَا بِيعَ وَقُلْنَا مَوْقُوفٌ فَإِنْ أَدَّى الْأَرْشَ صَحَّ بَيْعُهُ وَلَزِمَ وَإِلَّا بِيعَ إنْ اسْتَغْرَقَهُ الْأَرْشُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهُ بَيْعٌ بِقَدْرِ الْأَرْشِ وَثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي فَإِنْ أَجَازَ فَبِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ دَاوُد قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هَذَا وَبَيَّنَ أَنَّهُ فِي جِنَايَةِ الْخَطَأِ يَسِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ جِنَايَةُ الْعَمْدِ قَالَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَهُ
*
قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
* (وَفِي مَوْضِعِ الْقَوْلَيْنِ ثَلَاثُ طُرُقٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقُّ آدَمِيٍّ فَهُوَ كَالْمَالِ وَلِأَنَّهُ يَسْقُطُ إلَى مَالٍ بِالْعَفْوِ فَكَانَ كَالْمَالِ وَالثَّانِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي جِنَايَةٍ لا توجب القصاص
فاما فيما توجب الْقِصَاصَ فَلَا تَمْنَعُ الْبَيْعَ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ كَالْمُرْتَدِّ وَالثَّالِثُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَأَمَّا فِيمَا يُوجِبُ الْمَالَ فَلَا يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ كَالْمَرْهُونِ)
* (الشَّرْحُ)
* الطُّرُقُ الثَّلَاثُ حَكَاهَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنَّ الطَّرِيقَ الثَّانِيَ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا قَوْلَانِ
(أَحَدُهُمَا)
الْبَيْعُ جَائِزٌ وَعَلَى السَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ وَأَلْزَمَ السَّيِّدَ الْمَالَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ لَقَالَ وَالْوَلِيُّ بِالْخِيَارِ ثُمَّ قَالَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ مَفْسُوخٌ وَيُبَاعُ وَيُعْطَى رَبُّ الْجِنَايَةِ جِنَايَتَهُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ السَّيِّدُ بِدَفْعِ الْجِنَايَةِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي الْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ (قُلْتُ) وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ جَيِّدٌ عَلَى ضَعْفِ الطَّرِيقَةِ الثَّالِثَةِ وَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الْأُولَى فَلَا يَبْقَى فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ دَلَالَةٌ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعَمْدِ يَبْقَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute