بِالْأَوَّلِ مَا قَالَهُ مُوَافِقًا لِقَضَاءِ عُثْمَانَ وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ تَقْوِيَةٌ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي الْحَيَوَانِ وَقَوْلَيْنِ فِي غَيْرِهِ كَمَا هُوَ الطَّرِيقَةُ الْمَشْهُورَةُ
*
* (فَرْعٌ)
* قَسَّمَ الْمَاوَرْدِيُّ الْبَيْعَ بشرط لبراءة إلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ (أَحَدُهَا) يَبْرَأُ مِنْ عُيُوبٍ سَمَّاهَا وَوَقَفَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا فَهَذِهِ بَرَاءَةٌ صَحِيحَةٌ وَبَيْعٌ جَائِزٌ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ وَلُزُومِ الشَّرْطِ فِي العقد فان وجد المشترى بالبيع غَيْرَ تِلْكَ الْعُيُوبِ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تِلْكَ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ (الضَّرْبُ الثَّانِي) أَنْ يَبْرَأَ مِنْ عُيُوبٍ سَمَّاهَا وَلَمْ يَقِفْ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا فَهَذَا عَلَى نَوْعَيْنِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنْ تَكُونَ الْعُيُوبُ مِمَّا لَا يُعَيَّنُ كَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ فَتَصِحُّ الْبَرَاءَةُ فِيهَا بِالتَّسْمِيَةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ فَلَمْ يُمْكِنْ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا وَاكْتَفَى بِالتَّسْمِيَةِ فيها فان ذكرها إعلاما والاطلاع عَلَيْهَا (وَالنَّوْعُ الثَّانِي) أَنْ تَكُونَ مِمَّا يُعَايَنُ كَالْبَرَصِ وَالْقُرُوحِ فَلَا تَكْفِي التَّسْمِيَةُ حَتَّى يَقِفَ عليها ويشاهدها لان النقص الْعَيْبِ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ يَزِيدُ بِزِيَادَتِهِ الْعَيْبُ وَيَنْقُصُ بِنَقْصِهِ فَصَارَتْ التَّسْمِيَةُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ مُشَاهَدَتِهَا جُمَلًا بِهَا (قُلْتُ) وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَوْ سَمَّاهَا لِاخْتِلَافِهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا أن يقفه عليه وكلام الماوردى
يقتضى أَنَّ هَذَا الضَّرْبَ لَيْسَ مَحَلَّ الْخِلَافِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا إذَا أَطْلَقَ شَرْطَ الْبَرَاءَةِ يَقُولُ هُنَا عِنْدَ التَّسْمِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَقِفْهُ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَرَصُ وَنَحْوُهُ فِي بَاطِنٍ فَإِنَّ الْأَصَحَّ أَنْ يَبْرَأَ مِنْهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَفِي حَالَةِ التَّسْمِيَةِ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ إنْ أَرَاهُ مَوْضِعَ الْبَرَصِ وَقَدَّرَهُ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ فَهُوَ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْفُورَانِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَالَ الرَّافِعِيُّ هَكَذَا فَصَّلُوهُ وَكَأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِيمَا يَعْرِفُهُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ الْعُيُوبِ وَأَمَّا مَا لَا يَعْرِفُهُ وَيُرِيدُ الْبَرَاءَةَ عَنْهُ لَوْ كَانَ فَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ تَفْرِيعًا عَلَى فَسَادِ الشَّرْطِ فِيهِ خِلَافًا مُخَرَّجًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ يَعْنِي أَنَّ الْعِلَّةَ فِي فَسَادِ الشَّرْطِ الْجَهَالَةُ أَوْ كَوْنُهُ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ (إنْ قُلْنَا) بِالْأَوَّلِ صَحَّ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ (وَإِنْ قُلْنَا) بِالثَّانِي فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute