الشَّافِعِيِّ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ الْجَوَازَ
(وَالثَّانِي)
أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمُبِيحَةَ خَاصَّةٌ بِالنَّقْدِ وَالْآيَةُ عَامَّةٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ تَقَدُّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْعَامُّ لَا يَكُونُ نَاسِخًا لِلْخَاصِّ وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ النَّسْخَ إنَّمَا هُوَ بَيِّنٌ فَحِينَئِذٍ أَقُولُ إمَّا أَنْ نَقُولَ إنَّ الْآيَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ أولا (فَإِنْ قُلْنَا) بِذَلِكَ فَلَا إشْكَالَ وَصَارَ النَّظَرُ مقصورا على السنة (وان نَقُلْ بِهِ) وَحَمَلْنَاهَا عَلَى الْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ إمَّا عَامَّةٌ فِيهَا وَإِمَّا مُجْمَلَةٌ فَإِنْ كَانَ نُزُولُهَا مُتَأَخِّرًا عَنْ جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ الْمُبِيحَةِ وَالْمُحَرِّمَةِ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْأَحَادِيثِ الْمَنْسُوخَةِ وَالنَّاسِخَةِ أَوْ النَّاسِخَةِ فَقَطْ مُبَيِّنَةً أَوْ مُخَصِّصَةً لِلْآيَةِ وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إنَّ آخِرَ آيَةٍ نَزَلَتْ آيَةُ الرِّبَا وَإِنْ كَانَ نُزُولُ الْآيَةِ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْمُبِيحَةِ وَالْمُحَرِّمَةِ وَهُوَ مَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا نَزَلَتْ الْآيَاتُ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا (خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَتَحْرِيمُ الْخَمْرِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ جدد تحريم التجارة في الخمر ولايكون ذَلِكَ أَوَّلَ تَحْرِيمِهَا فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَأَنَّ نُزُولَ آيَةِ الرِّبَا بَعْدَ الْأَحَادِيثِ الْمُبِيحَةِ وَقَبْلَ الْمُحَرِّمَةِ فَالْمُبِيحَةُ مُبَيِّنَةٌ أَوْ مُخَصِّصَةٌ لِلْآيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ فَنَتَصَدَّى النَّظَرَ فِي أَنَّ الْعَامَّ الْمُخَصَّصَ هَلْ أُرِيدَ بِهِ الْقَدْرُ الْبَاقِي بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَخْرَجِ أَوْ أُرِيدَ بِهِ الْبَاقِي وَخُرُوجُ غَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَتَكُونُ الْآيَةُ مُرَادًا بِهَا تَحْرِيمَ النَّسَاءِ وَالْأَحَادِيثُ الْمُبَيِّنَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ تَقْتَضِي حُكْمَيْنِ
(أَحَدُهُمَا)
تَحْرِيمُ النَّسَاءِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْآيَةِ
إبَاحَةُ النَّقْدِ وَهُوَ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ الْخَاصَّةِ وَهُوَ الْمَنْسُوخُ بِالسُّنَّةِ مَعَ كَوْنِ الْآيَةِ بَاقِيَةً عَلَى كَوْنِ الْمُرَادِ بِهَا النَّسِيئَةَ وَلَا يُسْتَدَلُّ بِهَا فِيمَا عَدَاهُ
وَتَحْرِيمُ النَّقْدِ بِالسُّنَّةِ زَائِدٌ عَلَيْهَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَأْتِي بَحْثُ الْحَنَفِيَّةِ فِي أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى النَّصِّ إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute