(قُلْتُ) الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ صِحَّةُ تَسْلِيمِ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ مَعَ بَقَاءِ الزَّرْعِ فِيهَا وَالْوَجْهُ الْآخَرُ الْقَائِلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ تَسْلِيمِهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ لِشَبَهِهَا بِالدَّارِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ تَفْرِيغَ الدَّارِ مُمْكِنٌ فِي الْحَالِ
وَهَذَا الْوَجْهُ فِي الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ لَا يَأْتِي فِي الْأَرْضِ الْمَغْرُوسَةِ لِأَنَّ الزَّرْعَ لَهُ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ فَأَشْبَهَ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ الْأَمْتِعَةَ الَّتِي يُمْكِنُ نَقْلُهَا بِخِلَافِ الشَّجَرِ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ تَسْلِيمُ الْأَرْضِ الْمَغْرُوسَةِ إذَا كَانَ الْغِرَاسُ بَاقِيًا لِلْبَائِعِ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْأَرْضَ وَاسْتَثْنَى الْأَشْجَارَ بَقِيَتْ الْأَشْجَارُ عَلَى ماهي عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ الْقَطْعَ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلدَّوَامِ وصرح الغزلى أَيْضًا فِي الْفَتَاوَى بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَفْرِيغُ الارض المبيعة عن الشجر عندما تَكَلَّمَ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى شَجَرٍ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّفْرِيغُ فَالتَّسْلِيمُ مُمْكِنٌ عَلَى حَالِهَا فَصَحَّ الْبَيْعُ إذَا وُجِدَتْ الْمَنْفَعَةُ وَالرُّؤْيَةُ وَقَدْ عَرَفْتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَصَاحِبِ التَّتِمَّةِ أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ مُسَاعِدٌ عَلَى دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ قَلْعُ الشجر لو بقيناه عَلَى مِلْكِهِ عَلَى أَنِّي وَجَدْتُ النُّسَخَ مِنْ فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ بِذَلِكَ مُخْتَلِفَةً وَفِي كَثِيرٍ مِنْهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَفْرِيغُ الْأَرْضِ بِإِسْقَاطِ لَا فَكَأَنَّهُ غَلَطٌ مِنْ نَاسِخٍ وَقَدْ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بِإِثْبَاتِ لَا وَكَلَامُ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ غَيْرُ مُحْتَمَلٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْغَزَالِيَّ فِي الفتاوي إذَا بَاعَ الدَّارَ دُونَ النَّخْلَةِ الَّتِي فِيهَا وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ حَقُّ الِاجْتِيَازِ إلَيْهَا أَنَّهُ يَصِحُّ البيع وهذا صريح في مخالفة ماقاله ابن الرفعة من الحكم بعدم الصحة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute