للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ) فَقَدْ دَلَّ هَذَا الْمَفْهُومُ عَلَى اسْتِتْبَاعِ الشَّجَرَةِ لِلثَّمَرَةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ وَلَيْسَتْ بَاقِيَةً عَلَى الشَّجَرَةِ دَائِمًا فَاسْتِتْبَاعُ الْأَرْضِ لِلشَّجَرِ وَهُوَ بَاقٍ فِيهَا دَائِمًا أَوْلَى وَفِي طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ نَافِعٍ مولى بن عمر (ايما نخل بيعت لم يذكر الثمر فالثمر لِلَّذِي أَبَّرَهَا) وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالْحَرْثُ فَالْحَرْثُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ (١) (وَمِنْهَا) أَنَّ الْأَرْضَ تُطْلَقُ كَثِيرًا وَيُرَادُ بِهَا الْأَرْضُ مَعَ مَا فِيهَا أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي أثبت أرضا بخيبر لم أصب مالاقط أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ الْحَدِيثَ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الْأَرْضَ وَحْدَهَا بَلْ الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (حَبِّسْ الْأَصْلَ وَسَبِّلْ الثَّمَرَةِ) فَإِذَا صَارَ ذَلِكَ الِاسْمُ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمِيعِ كَثِيرًا فَإِنْ وَصَلَ إلَى حَدِّ الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ سُكُوتِ الْبَائِعِ عَنْ اسْتِثْنَائِهِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ إخْرَاجَ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ مَعَ كُرْهِ اسْتِعْمَالِ الْأَرْضِ مَعَ دُخُولِهِمَا لَنَصَّ عَلَى الْإِخْرَاجِ فَلَمَّا لم ينص على ذلك دل أَنَّ مُرَادَهُ الشُّمُولُ مَعَ كَوْنِ الْبَائِعِ مُعْرِضًا عَنْ الْبَيْعِ وَقَاطِعًا أَطْمَاعَهُ عَنْهُ بِخِلَافِ الرَّاهِنِ وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ (أَمَّا) الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الثَّمَرَةَ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ شَبِيهَةٌ بِالْجُزْءِ الْحَقِيقِيِّ فَهِيَ كَالْحَمْلِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ وَالْأَصْحَابُ وَمَنْ يُوَافِقُهُمْ يُحَاوِلُونَ تَشْبِيهَ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ بِأَجْزَاءِ الْأَرْضِ لِكَوْنِهِمَا مُرَادَيْنِ لِلْبَقَاءِ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهَذَا الْوَصْفِ مَعَ الْمُفَارَقَةِ فِي أُمُورٍ أُخْرَى نَظَرٌ (وَأَمَّا) الثَّانِي فَإِنَّ الْكَثْرَةَ مَمْنُوعَةٌ (وَأَمَّا) الْإِطْلَاقُ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ فَلَا يَمْتَنِعُ وَمَعَ مَيْلِي في البحث كما


(١) بياض بالاصل فحرر

<<  <  ج: ص:  >  >>