للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ فَقَالَ لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بينكما شئ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُطْلَقًا أَوْ مُعَيَّنًا (وَالْجَوَابُ) عَنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ كَوْنُ الْأَثْمَانِ مُطْلَقَةً وَعَنْ قَوْلِ الْفَرَّاءِ بِأَنَّ التَّعْيِينَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ

لَا مَجَالَ لِلُّغَةِ فِيهِ فَإِنْ قَالَ إنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى ثَمَنًا صَارَ بَحْثًا لَفْظِيًّا وَصَارَ كَمَا إذَا بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ أَنَّ الصَّفْقَةَ خَالِيَةٌ عَنْ الثَّمَنِ وَذَلِكَ مِنْ حيث التسمية فقط فكما أن الثبوت مُتَعَيِّنٌ بِالْعَقْدِ كَذَلِكَ النَّقْدُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إنَّ الْفَرَّاءَ خَلَطَ فِي هَذَا الْكِتَابِ اللُّغَةَ بِالْفِقْهِ وَعَوَّلَ عَلَى فِقْهِ الْكُوفِيِّينَ فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِهِ قَالَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا فِيمَا تَقْتَضِيهِ اللُّغَةُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ النَّقْدَيْنِ يَتَعَيَّنَانِ بِأَجْنَاسِهِمَا فَإِذَا بَاعَ بِدَرَاهِمَ يَتَعَيَّنُ جِنْسُ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِدَنَانِيرَ يَتَعَيَّنُ جِنْسُ الدَّنَانِيرِ نَقَلَ الِاتِّفَاقَ على ذلك الطاووسي فِي طَرِيقَتِهِ وَحُجَّتُنَا فِي التَّعْيِينِ مِنْ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الرِّبَا (عَيْنًا بِعَيْنٍ) قَالَ أَصْحَابُنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ كَانَا لَا يَتَعَيَّنَانِ لِمَا كَانَا عَيْنًا بِعَيْنٍ وَالْقِيَاسُ عَلَى مَا إذَا كَانَ عِوَضًا بِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِوَضٌ مُشَارٌ إلَيْهِ فِي الْعَقْدِ ويتعين بالقبض وعلى القرض والوديعة والغصب والوضيعة وَالْإِرْثِ وَالصَّدَاقِ وَالْوَكَالَةِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ حُلِيًّا فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ النَّقْدِ بِخُصُوصِهِ وَقَدْ وَافَقُونَا عَلَى ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْبَيْعُ لَكِنَّهُمْ اعْتَذَرُوا عَنْ الْعُقُودِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُقْتَضَاهَا وُجُوبَهَا فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَلِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ الْمُعَيَّنَ إنْ صَلُحَ لِلْعِوَضِيَّةِ لَمْ يَجُزْ إبْدَالُهُ لِتَعَلُّقِ الْمِلْكِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فَلَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا ثَمَنًا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ (فَإِنْ قِيلَ) إنَّ الثَّمَنَ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ وَمَعْنَى التَّعْيِينِ أَنَّهُ يُوفِي ذَلِكَ الْمُطْلَقَ فِي الذِّمَّةِ مِنْ هَذَا الْمُعَيَّنِ (فَنَقُولُ) إنَّ مَا كَانَ كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ الْعَقْدُ فِيهِ بِالتَّعْيِينِ كَالسَّلَمِ إذَا عَيَّنَ ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ بِعَيْنِهَا وَهَذِهِ حُجَّةُ ابْنِ سُرَيْجٍ وَرَبْطُ الْعَقْدِ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ الْعَقْدَ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِهِ لِعِلْمِهِ بِحِلِّهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَغْرَاضِ وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ فَوَائِدَ وَمَقَاصِدَ فِي تَعْيِينِ الثَّمَنِ (مِنْهَا) لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ عِنْدَ الْفَلَسِ وَتَبْرِئَةُ ذِمَّتِهِ لِقَصْرِ الْحَقِّ عَلَى تِلْكَ الْعَيْنِ (وَمِنْهَا) لِلْمُشْتَرِي تَكْمِيلُ مِلْكِهِ إذْ الْمِلْكُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>