للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا قيل: علة اهتمام القرآن بأجزاء الصلاة وإطلاقها على كل الصلاة ظاهرة لا تخفى، فما عِلَّة اهتمامه باسم (الصلاة) وإطلاقها على غيرها؟

فالجواب: إنَّ المتأمل في المعاني التي أطلق عليها لفظ الصلاة يجدها لا تعدو أربع حالات:

الأولى: استعمال كلمة (الصلاة) في معناها الأصلي (الدعاء) ، ومنه الاستغفار.

الثانية: إطلاق الكل على البعض، مثل إطلاق الصلاة على صلاة الخوف.

الثالثة: إطلاق الصلاة على بيوت الصلاة.

الرابعة: إطلاق لفظ الصلاة على غيرها؛ لإظهار الصلة الوثيقة بين المعنيين وجعل اللفظ (الصلاة) بمثابة الرباط القوي بينهما، الذي يجعلهما – كالشيء الواحد الذي لا ينفصل بعضه عن بعض – كإطلاق لفظ الصلاة على الدين في: {أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ} ١ أو على الإسلام في: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} ٢ أي: ولا أسلم. وفي هذا بلا شك كشف للتلازم بين الصلاة والدين، أو الصلاة والإسلام، أو إطلاقها على المغفرة في قوله -تعالى- {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} ٣، أو على الرحمة في قوله -تعالى-: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَة} ٤.

وفي هذا إشارة هامة إلى أثرين من آثار الصلاة على العباد، وكأنَّ المغفرة والرحمة لازمتان من لوازم الصلاة المقبولة لا ينفكان عنها. ولذلك ورد في الحديث: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن" ٥.


١ هود: ٨٧
٢ القيامة: ٣١
٣ الأحزاب: ٤٣
٤ البقرة: ١٥٧
٥ صحيح مسلم ١/٢٠٩

<<  <   >  >>