للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جيشه غانم، وجاره سالم، وأما الذي يليه فوثاب، ليث غاب، سريع الجواب، عتيد الصواب، كريم النصاب. وأما الذي يليه فمدرك، بذول لما يملك، عزوف عما يترك، يغني ويهلك، وأما الذي يليه فجندل، مقل لما تحمل، يعطي ويبذل، لقرنه مجدل، لا يخيم ولا ينكل، فأبلغها أبوها ذلك، فشاورت أختها عثمة فيهم فقالت لها: " ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل " اسمعي كلمة ناصحة لك: إن شر الغريبة يعلن، وخيرها يدفن، فانكحي في القرباء ولا تغررك أجسام الغرباء. فلم تقبل منها وبعثت إلى أبيها: أنكحني (١) مدركاً، فأنكحها منه على مائة ناقة برعاتها، فحملها مدرك، فلم تلبث معه إلا قليلاً حتى أغار على غامد فوارس من بني مالك بن كنانة فاقتتلوا ساعة، ثم انكشف زوجها وقومه، فسباها بنو مالك فيمن سبوا، وجعلت تبكي، فقيل لها: ما يبكيك؟ أعلى فراق زوجك؟ قالت: قبحه الله، قالوا: لقد كان جميلاً، قالت: قبح الله جمالاً لا منعة معه، إنما أبكي عصياني أختي، وأخبرتهم خبرها، فقال لها رجل منهم يكنى أبا نواس أسود (٢) أفوه مضطرب الخلق: أترضين بي على أن أمنعك من ذؤبان العرب؟ قالت لأصحابه: أكذلك هو؟ قالوا: نعم إنه مع ما ترين ليمنع الحليلة وينقب القبيلة، قالت: هذا أجمل جمالاً وأكمل كمالاً، قد رضيته فزوجوها إياه.

وقال الشاعر في هذا المثل (٣) :

ترى الفتيان كالنخل ... وما يدريك ما الدخل

وكل في الهوى ليث ... وفيما نابه فسل

وليس الشان في الوصل ... ولكن أن يرى الفصل وأنشد أبو علي لهند بنت الخس:

وقالت قولة أختي ... وحجواها لها عقل


(١) س: زوجني.
(٢) س: وكان أسود.
(٣) الأبيات في البيان ١: ٢٢٠.

<<  <   >  >>