للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني الحمامة التي تحضن بيض غيرها وتترك بيض نفسها.

ع: قبل البيت بيت يتعلق به ولا يفهم معناه إلا منه وهو (١) :

وإني وتركي ندى الأكرمين ... وقدحي بكفي زنداً شحاحا

كتارجكة بيضها بالعراء ... وملحفة بيض أخرى جناحا وذكر أبو عبيد أن ابن هرمة عنى بالحمامة، وهو قول أبي عبيدة، وقال غيره من العلماء: إنما يعني النعامة. وذلك أنها تنتشر للطعم فربما رأت بيض نعامة أخرى قد ذهبت لما ذهبت هي له فتحضن بيضها وتترك بيض نفسها وتنساه، ثم تجيء الأخرى فترى غيرها على بيضها فتمر لطيتها. ولذلك تقول العرب " أحمق من نعامة " وهذا معهود فيها معلوم، ولا يعلم في الحمام.

وقال ابن الأعرابي " بيضة البلد " التي سار المثل بها هي بيضة النعامة المتروكة لا يهتدى إليها فتفسد. والنعام موصوف بالموق والشراد والنفار، وإنما توصف الحمام بالخرق وسوء النظر لأنها تضعه على غير تحصين فيسقط وينكسر كما قال عبيد بن الأبرص (٢) :

عيوا بأمرهم كما ... عيت ببيضتها الحمامه

جعلت لها عودين من ... نشم وآخر من ثمامه فشبههم في عيهم بأمرهم وخرقهم فيه بالحمامة في خرقها ببيضها، ولهذا المعنى الذي نسبوا فيه النعام إلى الموق والحمق ضربوا بها المثل لحضنها بيض غيرها. وقالوا " أحمق من جهيزة " وهي أنثى الذئاب لأنها تدع ولدها وترضع ولد الضبع. قال ابن جذل الطعان في ذلك (٣) :


(١) البيتان في الشعر والشعراء: ٤٧٤، ومجموعة المعاني: ٨٣ وحماسة البحتري: ١١٥ والثاني في الميداني ١: ١٥١ والمعاني الكبير: ٢١٣.
(٢) البيتان في المعاني الكبير: ٣٥٩ والدميري ١: ٢٩٧.
(٣) المعاني الكبير: ٢١٢ وحماسة البحتري: ١١٥ والميداني ١: ١٤٧ ونسبه في مجموعة المعاني: ٨٣ للعديل بن الفرخ، وروايته في ط: فلم تدفع بذلك مدفعاً.

<<  <   >  >>