للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٧ -؟ باب الحديث يستذكر به حديث غيره

قال أبو عبيد: من أمثالهم في هذا " الحديث ذو شجون " (١) يحدث بهذا المثل عن ضبة بن أد، قال: وكان بدء ذلك أنه كان له ابنان، يقال لأحدهما سعد والآخر سعيد، فخرجا في طلب إبل لهما، فرجع سعد لوم يرجع سعيد، فكان ضبة كلما رأى شخصاً مقبلاً قال " أسعد أم سعيد " فذهبت كلمته هذه مثقلاً. قال: ثم إن ضبة بينما هو يسير ومعه الحارث بن كعب، في الشهر الحرام، إذ أتيا على مكان (٢) . فقال الحارث لضبة: أترى هذا الموضع فإني لقيت فيه فتى من هيئته كذا وكذا فقتلته وأخذت منه هذا السيف، فإذا هي صفة سعيد، فقال له ضبة: رني السيف أنظر إليه، فناوله فعرفه ضبة، قال: فعندها قال " إن الحديث ذو شجون " فذهبت كلمته الثانية مثلاً أيضاً. ثم ضرب به الحارث حتى قتله، قال: فلامه الناس على ذلك وقالوا: أتقتل في الشهر الحرام؟ فقال: " سبق السيف العذل " فذهبت كلمته الثالثة مثلاً أيضاً، ويقال إنما هو العذل، وإنما جاز في الشعر للضرورة (٣) .>

ع: قد ذكر أبو عبيد هذا المثل وأول من نطق به، وترك معنى قولهم: ذو شجون، ومعناه أن يدخل بعضه في بعض، ويجر بعضه بعضاً، مأخوذ من الشواجن فيها، وهي أودية كثيرة الشجر غامضة، يقال: أشجنت الأرض إذا كثرت الشواجن فيها، وهي الأودية، والشجون أيضاً الحاجات، واحدها شجن، قال الشاعر (٤) :


(١) انظر أمثال الضبي: ٧٦ وما هنا فيه اختلاف وبعض إيجاز.
(٢) في الضبي: إذ مرا على سرحة بمكان.
(٣) ويقال إنما هو العذل الخ ... من الحاق ابن الأنباري كما في هامش ف.
(٤) الشاعر هو مدرك بن حصن الفقعسي، ونص البيت:
ذكرتك حيث استأمن الوحش والتقت ... رفاق به والنفس شتى شجونها

<<  <   >  >>