للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٨٥ - الشيخ الخطيب القاضي الرئيس أبو القاسم محمد بن يحيى

بن محمد الغساني البرجي (١) ، أمتع الله ببقائه؛

غلاب الهوى الذي لا يغلب، وخدن العافية التي تسأل من الله تعالى وتطلب، والمثل في رفض الضراع (٢) ، والحذر من الاختراع؛ لو سلطت المناخل على حبة قلبه لم تلف دخيلاً، ولو ضايقته الأيام في انتشاق الهواء (٨٦آ) ما كان بتركه بخيلا؛ تجذب الدول بذيله، فلا تستطيع الظفر بميله، وتراسله في يومه وليله، فتزيد ثرياها بعداً من سهيله، فلولا المسالمة والسداد، لجف من مباراتها، وخربت الاسداد، وكان الفراق والاعتداد، سجية من تحقيق، وأعمل فكره في ذاته ودقق وأشفق، لما علم من أين انفق، وميز الأوهام، وتعرف الإلهام؛ شكا بمحضر السلطان ببثه، وتلكئه عند حثه، فعلمت مرمى سهمه، ومنتهى همه، وجهة مأمه، من فاضل كلف به الاختصار، وتنافست في خلاله السنية الأسماع والأبصار، وخلت عن وجود مثله الأمصار، وإن قصرت الدنيا أعجبه الاقصار، وإن جنت عليه عدم الاستعداء


(١) ترجم له ابن الخطيب في الإحاطة ٢: ٢١٥ وقال: فاضل مجمع على فضله صالح الأخوة طاهر النشأة ممتع المجلس حسن الخط والشعر والكناية ... رحل للعدوة فاشتمل عليه السلطان الكبير أبو عنان ... ثم تولى قضاء فاس. وذكره ابن خلدون في التعريف: ٦٤ والسراج في فهرسته. توفي سنة ٧٨٦ (انظر نيل الابتهاج: ١٧٢، ط. فاس) والبرجي نسبة إلى برجة (Berja) من إقليم المرية، بفتح الباء.
(٢) خ: بهامش ك: الصداع.

<<  <   >  >>