للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثم علمته قص أثر الحجيلة، مخضوب البنان والرجيلة، ثم أغريته بالذب (١٠٧آ) عن المنديل، ثم دربته على إمساك القنديل، ثم أغريته على القطوط، ثم أرسلته على القنائص السارية على الشطوط، وبعد ذلك رقيته من طور المسخ، إلى الاستعمال في مهنة النسخ، ثم نقلته محتمل العتاب، إلى بيت الكتاب، فأصبح جروه ممرحاً بالمصيد، باسطاً ذراعيه من كهفهم بالوصيد، مجارياً في نظم المقطوعة وإنشاد القصيد؛ فلما ظهر أيده، واستقام صيده، انصرف إليّ كيده، فلم الق شراً من لهثته المجلبة، وعضته الكلبة، فأنكر المعروف، ونسي الظرف والمظروف، وأوسع البينات هدماً، ووجوه الجاه لدماً، وعض عرقوبي فأدمى، وأفرط في الشعار، وخلق السعار، ولم يدع وجهاً من وجوه العار، والأطواق تحجه، والأحداق تثجه، والكفران يصحمه، والنعم تخصمه، والله تعالى لا يعصمه. فتركها مثلاً في الإجراء، ومزهداً للمكلبين في اصطناع الجراء، وهرول بعد ما لهث ونقر، وعض وعقر، والفضلاء تصيح خلف مهربه، والكلاب تفر من طلبه، وعدوى جربه، وعدل الله تعالى كفيل باتباعه، وقص باعه، ومجازاة ختله، وإهداء كبده إليّ من بعد قتله، ليجعل منها على العضة الدامية، ويشوى باقيها على النار الحامية، وعلى ذلك فخطه الذي نفق من كساده، واغتفر لصلاحه كل قبيح من فساده، مسرح الطرف، ومعدن الظرف، وأدبه يطريه سوق الصرف؛ فمما خاطبني به يشكو والده وقد سرق له بعض ما أحسنت به له قوله:

مولاي إن سليمان تعمدني ... بالليل فاسترق الموهوب من نعمك

فلو غدا غيره والله سارقه ... لكنت أسعى له في المر من نقمك

لكن حسبي أن بلغت فعلته ... للحاكم العدل يا مولاي من كرمك

<<  <   >  >>