للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه ما يصل به إلى اختلاف المعاني بما يقف عليه من اختلاف الحركات في الألفاظ ومواضع الاعراب منها، وهذا مجموع في كتاب " الجمل " لأبي القاسم عبد الرحمن بن [اسحاق] الزجاجي الدمشقي. واما كل ما تقدم فليستكثر منه ما امكنه ولذلك حدان: حد هو الغاية وحد هو الذي لا ينبغي ان يقتصر على اقل منه. فالحد الاكبر هو الاتخلو من النظر في العلوم التي قدمنا الا في أوقات اداء الفرائض والنظر فيما لا بدلك منه من المعاش وترك كل ما يمكن ان تستغني عنه من أمور الدنيا. واعلم ان نظرك في العلوم على نية ادراك الحقائق في انكار الباطل ونصر الحق وتعليمه للناس وهدي الجاهل ومعرفة ما تدين به خالقك عز وجل لئلا تعبده على جهل فتخطئ اكثر مما تصيب من ملة الله تعالى ونحلة الحق والمذهب المصيب في اداء ما تعبدك به تعالى [٩٠و] ونفعك الناس في اديانهم وابدانهم وتدبير امورهم وانقاذ احكامهم وسياستهم، وتبصير من يتولى شيئا من ذلك وتعديل طبعه ونصيحته في ذلك بالحق وتفهيمه وتقبيح القبيح لديه، افضل عند الله من كل ما يتقرب به إلى الله عز وجل واعظم أجرا واعود عليك من كل ما تكسبه بعد ما لا قوام لجسمك وعينك الا به مما لعلك تتركه لمن لو شاهدت فعله فيه بعدك لغاظك، ومن كل جاه لعله لا يكسبك الا الاثم والخوف والتعب والغيظ، واعلم ان ذلك اعظم ثوابا وافضل عاقبة واكثر منفعة من صلتك الناس بالدنانير والدراهم؛ وضرر الجهل والخطأ أشد واعظم من ضرر الفقر والخمول.

واعلم انك لا تورث العلو الا من يكسبك الحسنات وانت ميت، والذكر الطيب وانت رميم، ولا يذكرك الا بكل جميل. ولا تورثه بعدك ولا تصحب في حياتك في طريقه الا كل فاضل، وليست تصحب في طلب المال والجاه الا اشباه الثعالب والذئاب. واحدثك في ذلك بما نرجو ان ينتفع بع قارئه ان شاء الله تعالى، ذلك اني كنت معتقلا في يد الملقب بالمستكفي محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر في مطبق وكنت لا أومن قتله لأنه كان سلطانا جائرا ظالما عاديا قليل الدين كثير الجهل غبر مأمون ولا متثبت، وكان ذنبنا عنده صحبتنا للمستظهر رضي الله عنه

<<  <   >  >>