للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تأتي في قمتها توجيه البالغ إلى الإيمان بالله على أساس من القناعة والحجة لا يتزعزع في مستقبله بما يتعرض له من وسائل التشكيك والتغيير، وقد علمنا القرآن كيفية التدرج في ذلك من الحسي إلى المعنوي في آيات كثيرة تدعو إلى التفكير في السماء والنبات والليل والنهار والبحار والنجوم والجبال والأنهار الخ ... والتفكير في خلق الإنسان {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ، خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ} (الطارق/٤- ١٠) والتفكير في السماء والأرض وما فيها، وتفكير الإنسان في طعامه كيف نبت وتشكل وتنوع لونا ورائحة ومذاقا وهو يسقى بشيء واحد هو الماء ويخرج من مكان واحد هو الأرض ويتغذى بعناصر طاهرة هي الشمس والهواء وغيرهما. والتفكير بهذا الأسلوب القرآني يفتح البصائر وينير العقول ويدفع إلى الخشوع والخضوع لعظمة الله ومراقبته في السر والعلانية والإخلاص له والتوجه إليه بكل عمل لأن الله لا يقبل العمل إلا إذا كان خالصا له وابتغى به وجهه.. ولا بد من التركيز على العوامل المؤدية إلى الشعور الدائم بمراقبة الله عز وجل مثل تجنب الشهوات الباطلة والحسد والبغض إلا في الله والحقد والكذب والنميمة وما إلى ذلك من العوامل التي تبغض إليه الرذيلة وتحببه في الفضيلة.

ولأن المراهق يعيش مرحلة الإحساس بالذات فإنه يشعر بالخجل ويهتم بالبطولات الأمر الذي يتطلب التركيز على دراسة جوانب البطولة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته ومغازيه وسيرة الصحابة والسلف رضوان الله عليهم وفي ذلك يقول سعد بن أبي وقاص: "كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلمهم السورة من القرآن الكريم".

أما الخجل فظاهرة تحتاج إلى تغيير ليحل محله الحياء لأن الخجل انكماش وسلبية وانطواء والحياء التزام بالفضيلة وتجنب للرذيلة ومظهر من مظاهر الإيمان وسكينة للنفس وضبط للتصرفات وصحوة للضمير وخجل من الله والنفس والناس وتقتضي التربية هنا تعليم النشء الحياء من النظر إلى المحرمات والاستماع إليها والقرب من المنكرات ونزاهة اللسان عن الفحش والبذاءة والخوض في الباطل وفي ذلك يقول الغزالي: "فينبغي أن يحسن مراقبته وأول ذلك ظهورا أوائل الحياء فإنه إن كان يحتشم ويستغني ويترك بعض الأفعال فليس ذاك إلا لإشراق نور العقل عليه حتى يرى بعض الأشياء قبيحا ومخالفا للبعض فصار يستحيي من شيء دون شيء وهذه هدية من الله تعالى وبشارة تدل على اعتدال الأخلاق وصفاء القلب وهو

<<  <   >  >>