للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأمه فالظروف التي ينشأ فيها الأطفال هي التي تؤثر في مستقبل حياتهم ونموهم فقد أثبتت الدراسات النفسية أن كثيرا من الانحرافات التي تظهر في الكبار راجعة إلى مواقف وظروف عاشها الشخص في طفولته، ولذلك يرى علماء التربية أن إحساس الطفل بالأمن والاستقرار والمحبة هو الذي يسهل له عملية التكيف والتوافق المطلوبين من كل عضو من أعضاء المجتمع فإذا عاش الطفل في وسط عائلي يحيطه بالرعاية والحب ويشعره بمكانته في المنزل ويقدم له الكثير في سبيل إسعاده أحس بالأمن والطمأنينة ونما نموا طبيعيا خاصة إذا عاش في عائلة مستقرة متجانسة غنية في القيم الاجتماعية الإسلامية ثابتة في أساليب تعاملها مع الطفل لا يحس بالتناقض في معاملة والديه له ولأن الأسرة تمثل البيئة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الطفل اهتم الإسلام بنظام الأسرة وتنظيم العلاقات بين الرجل والمرأة وقيام هذه العلاقة على أساس من الرحمة والمودة والعطف والاحترام المتبادل وأداء كل واحد لما عليه من حقوق نحو الآخر وغض الطرف من الجانبين عن بعض نواحي النقص خاصة من الرجل ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"١.

إن حضانة الأم لطفلها من أهم العوامل المساعدة على تحقيق النمو الكامل له كما أنه العامل المهم في إحداث التكيف بين الطفل والمجتمع الذي يعيش فيه أما إذا انشغلت المرأة عن حضانة أطفالها بالانشغال بالعمل خارج المنزل أو بالانفصال عن زوجها أو بالتعالي على الحضانة وترك الأمر للخادمة في البيت أو الحضانة الصناعية في المدارس والمؤسسات- إذا حدث ذلك نتيجة لهذا الحرمان من الأمومة أدى ذلك إلى التأخر في نواحي النمو المختلفة وتعرض الأطفال للاضطرابات النفسية في حياتهم المقبلة، وقد أجريت بحوث على عدد من الأطفال بلغوا ١٢٣ طفلا أعمارهم بين عام وأربعة أعوام يعيشون في مؤسسات مختلفة وقارنوا هذا العدد بأطفال مثلهم يعيشون مع أسرهم ولكنهم في الصباح يذهبون الى دور الحضانة نسبة لانشغال الأمهات بالعمل فكانت النتيجة أن نمو الأطفال في المؤسسات يختلف عن النمو مع أسرهم لأن حرمان الطفل من أمه يعطل نموه جسميا وذهنيا واجتماعيا وإن القليل من عناية الأم قد تثمر٢، أما إذا عاش الطفل كل وقته تحت حضانة أمه فإن نموه سيكون متكاملا والدليل على ذلك رجوع كثير من الدول التي تعتمد على الحضانة الصناعية إلى تشجيع الحياة العائلية وتكريم الأمهات اللائي يتفرغن لتربية أطفالهن.

وفي هذه المرحلة يرى علماء التربية من المسلمين أمثال ابن سينا والغزالي أن الطفل


١ رواه ابن ماجة والدارمي في باب النكاح.
٢ د/مصطفى فهمي –الصحة النفسي ص٩٢-٩٣.

<<  <   >  >>