من البديهيات أن نقول: إن التربية قد ارتبطت بظهور الإنسان على الأرض، وإحساسه بنفسه، وتعامله في نطاق الأسرة ثم الجماعة.
ويحدثنا مؤرخو التربية أن الصغار كانوا يتعلمون من الكبار في المجتمعات الأولى عن طريق التقليد والمحاكاة، أو عن طريق المشاركة فيما يقوم به الكبار سعيا وراء ضروريات الحياة، بطريق عفوية يهيئ الأطفال عن طريقها لاكتساب المهارات العملية في الحياة.
والقرآن الكريم يحدثنا أن الله سبحانه وتعالى قد تعهد البشر تربويا بتعليمهم منذ أن خلق سيدنا آدم وأودع فيهم القوى والطاقات التي تمكنهم من استعمار الأرض وإظهار ما أودع الله فيها من كنوز وخيرات؛ فكان الإنسان هو الخليفة الذي سلم أمر الأرض إليه، وأعطي من العلم ما ييسر له استعمال خاصية اللغات برموزها وإشاراتها إلى الأشياء والأشخاص وإعطائها المسميات التي تميزها، وهذه القدرة التي أودعها الله في الإنسان هي سر من أسرار تكريمه للإنسان على كثير ممن خلق، وترفعه إلى المعرفة والعلم فوق درجات الملائكة هي درجة مسؤوليات الخلافة في الأرض؛ يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ