للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متصلا غير مقطوع وإن كان للصحابي راويان فأكثر فحسن، وإن لم يكن إلا راو واحد وصحّ الطريق إليه كفى ١.

والبخاري- رحمه الله - لم يكتف بمعاصرة الراوي لشيخه، بل اشترط اجتماعهما، وثبوت اللقاء بينهما ٢، من هنا يعلم الدارس يقيناً أن الإمام البخاري بهذا المنهج الفريد قدم للأمة عملا ما سبقه إليه مثيل، ولن يلحقه بمثله مغير، لذلك صار كتابه بحق أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى ٣، وعلى صحة ما فيه وقبوله، أجمع علماء الأمة ٤.

أما الإمام البخاري: فهو: أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل، البخاري إمام المحدثين، صدر في هذا الشأن بغير منازع، فاق الحفاظ والمتقنين لم نسمع بأحفظ منه ولا أعلم بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم – ومقاصده, ومؤلفاته تنبئ عن تقدمه في الرواية والدراية، ولد في سنة أربع وتسعين ومائة من الهجرة، في مدينة بخاري من بلاد خراسان، تحدث عنه العلماء بما يذهل، من بداية طلبه العلم إلى وفاته، وكان مستجاب الدعوة، مات سنة ست وخمسين ومائتين، في قرية من قرى سمرقند- رحمه الله - ٥.

٢- صحيح مسلم:

كان الإمام مسلم - رحمه الله - مقتديا بأستاذه الكبير الإمام البخاري من حيث العناية بالصحيح من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه سلك طريقا تخالف البخاري من حيث المنهج، وهنا قال بعض الأئمة: "ما تحت أديم السماء أصحّ من كتاب مسلم بن الحجاج " ٦, لكن مسلما فاته شيخه في الحيطة والتثبت. ومن ذلك:

أ- تحقيق جانب العلم بهذا الشأن رواية ودراية، قال الإمام مسلم- رحمه الله -:

"إن من الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقدين لها، والمتهمين، ألاّ يروى منها إلاّ ما عرف صحة مخارجه، والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم، والمعاندين من أهل البدع " ٧. وهذا مبدأ التثبت في النقل.


١ هدي الساري ص٩.
٢ هدي الساري ص١٢.
٣ طبقات الشافعية ٢/٢٥١.
٤ البداية والنهاية ١١/٢٤.
٥ كل من اشتغل بعلم الحديث وتاريخ الرواة - بعد البخاري - ترجم له ومنهم من أفرده. انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد ٢/٤. تذكرة الحفاظ ٢/٥٥٥، وتهذيب التهذيب ٩/٤٧) .
٦ تاريخ بغداد ١٣/١٠١.
٧ صحيح مسلم ١/٨.

<<  <   >  >>