للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(أو المجتبى) . ومن هنا ندرك سر الخلاف بين العلماء في تحديد منزلة سنن النسائي, لكن ربما يقول قائل: إن منشأ الخلاف النظر إلى الشرط وليس النظر إلى الأصل والمختصر, فإن من العلماء من أطلق الصحة على سنن النسائي، بالنظر إلى أن شرط الإمام النسائي هو شرط الشيخين، بل إن له شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم ١. وقال آخرون: "إن شرطه في كتابه المذكور شرط أبي داود، إخراج حديث من لم يجمع على تركه٢. وعلى هذا القول يكون في قول من أطلق الصحة ٣ على سنن النسائي تساهل. وذهب بعض العلماء إلى أن المجتبى هو الذي يعتبره العلماء صحيحا، ويخرجون عليه الرجال، ويعملون في الأطراف ٤. وهذا الرأي - في نظري- جيد، ويجمع بين النظرين السابقين. وبالله التوفيق.

أما الإمام النسائي. فهو: أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب بن علي النسائي، أحد الحفاظ الأعلام، إمام في الحديث وعلله، من أئمة الجرح والتعديل، تضلع في العلوم، ومارس المعضلات من المسائل والفنون، حتى مهر وتقدم في هذا الشأن، وأصبح من حذاقه ونقاده, ولد سنة أربع عشرة- أو خمس عشرة- ومائتين من الهجرة ٥، في خراسان، في قرية نساء، ونسب إليها.

٦- سنن ابن ماجة:

يعد هذا المصنف عند االكثيرين من العلماء، سادس الأمهات الست وقد جمع فيه الإمام ابن ماجة جماعة كبيرة من الأحاديث الضعيفة، فهو على النقيض ممن سبقه من الأئمة، وتفرد فيه بإخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب، وسرقة الحديث، وبعضها لا تعرف إلا من جهتهم، مثل: حبيب بن أبي حبيب، كاتب مالك، والعلاء بن زيد، وداود بن المحبر، وعبد الوهاب بن الضحاك، وغيرهم. فهو آخر الكتب الستة رتبة، بل إن بعض أهل العلم قدم عليه موطأ الإمام مالك من حيث الرتبة ٦، وحكى على هذا الاتفاق


١ شروط الأئمة للمقدسي ص١٨.
٢ تذكرة العراقي ١/١٠٣. مقدمة مختصر السنن ص٨.
٣ مقدمة ابن الصلاح.
٤ مقدمة سنن النسائي ص٥.
٥ ترجم له الأئمة ومنهم المزي. (تهذيب الكمال ١/٣٢٨-٣٤٠) .
٦ لأنه دون شك مقدم على ابن ماجة من حيث الصحة، ولا أعلم خلافا في هذا، بل بعضهم قدمه على الصحيحين.

<<  <   >  >>