الدعوة، بل تؤدي إلى بلبلة العوام وأشباه العوام الذين يجهلون موقع الحق، ولا يمكن بحال من الأحوال تحقيق الوحدة المنشودة والتي لا بد منها لنجاح الدعوة إلا بأمرين اثنين:
(١) وحدة المصدر في معرفة (العقيدة الإسلامية) واعتماد ذلك المصدر وحده في بحث أي معنى من معاني العقيدة الإسلامية وعدم إغفاله، وبذلك تسلم عقيدة المسلم من الزيف والإلحاد والضلال وهذا المصدر هو الوحي، لا شيء ينافسه، وأما العقل فلا يكون، أساسا ولا يعطل، هكذا بالاختصار.
نقول هذا القول إستناداً إلى قوله عليه الصلاة والسلام "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي"، وقوله عليه الصلاة والسلام "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، وإياكم ومحدثات الأمور" الحديث.
فالخروج على هذا المصدر في معرفة العقيدة وأحكام الشريعة والتماس الحق والهدى والفلاح في غيره ضلال بيّن لأن من سنة الله التي خلت في عباده أن من التمس الهدى في غير كتابه فإن الله يضله ولا يهديه سبيلا، وقد ورد في هذا المعنى أثر عن علي بن أبى طالب رضى الله عنه وهو يتحدث عن القرآن إذ يقول:"من التمس الهدى في غيره أضله الله".
(٢) توحيد منهج العمل في سبيل الدعوة إلى الإسلام ولا يوجد منهج أمثل وأصلح، بل لا يوجد منهج صالح غير منهج سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومن اقتفى أثرهم وعمل عملهم، لأن واضع هذا المنهج هو رسول الهدى عليه الصلاة والسلام والرغبة عن منهجه تتنافى والإيمان به قطعاً، والذين نقلوه هم أولئك السادة الذين اختارهم الله لصحبة نبيه وأهلهم للخلافة عنه عليه الصلاة والسلام، أَبو بكر وعمر وعثمان وعلي وإخوانهم رضوان الله عليهم.
فهل يوجد مسلم يعتقد عدم صلاحية هذا المنهج؟!!.
من هنا نعلم أن بض التصريحات التي يدلي بها بعض المفتونين بالغرب أو بالشرق وقوانينهم (بأن الإسلام ليس فيه ما يحل المشاكل المعاصرة) لا يفسر إلا بالكفر بالإسلام وبرسول الإسلام عليه الصلاة والسلام، ضرورة أنه لا يكون اليوم دينا وهدى وصلاحاً وبراًَ ما لم يكن كذلك في عصر الوحي وقد صدق الإمام مالك، حيث يقول:"لا يصلح أخر هذه الأمة إلا ما أصلح أَولها". وكلنا نعلم أنما صلح أول هذه الأمة بالتمسك بهدى نبيهم دون تغيير أو تبديل، لأن الله قد أكمل الدين وأَتم النعمة على المسلمين قبل أن يقبض إليه نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام إذ يقول سبحانه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً}